الصادر من المملوك لنفسه، وتوقفه على إذن سيده (1)، رد بذلك على ربيعة الرأي (2) بحكمه بفساد هذا الفضولي لكونه فضوليا، وإن علل (عليه السلام) الصحة بكون المملوك لم يعص الله بل عصى سيده.
وتوهم منه متوهم دلالته على أن النهي في المعاملات يقتضي الفساد، فبني على أن هذا الفضولي لم يكن حراما (3).
لكن بعد ملاحظة أن أمثال هذه التصرفات من المملوك حرام البتة - كما سيجئ - ظهر أن مراده (عليه السلام) أن عقده لم يخالف ما قرره الله تعالى لصحة العقود، مثل قوله: * (أوفوا بالعقود) * (4) وأمثاله، بل لم يوافق إذن المولى، فإذا حصل لم يبق للصحة مجال.
وكيف كان، لا شك في دلالته على صحة عقود المماليك فضولية مطلقا، كما هو الظاهر، أو إذا لم تكن حراما، ولا قائل بالفصل بينهم وبين الأحرار، بل بالتأمل فيه يظهر صحة الفضولي من الأحرار أيضا.
وسيجئ - أيضا - أن المملوك لو عقد لغيره بغير إذن سيده يكون العقد صحيحا وإن كان حراما.. إلى غير ذلك مما يظهر بالتتبع، ولذا صرح ابن إدريس بوجود أخبار الآحاد الدالة على صحة الفضولي من عقد البيع، مع إنكاره الصحة، معتذرا بأن أخبار الآحاد ليست بحجة (5).