واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (64) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا (65) والسلام (فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لامساس) فان قيل أليس الأولى أن يقال: فان جهنم جزاؤهم جزاء موفورا. ليكون هذا الضمير راجعا إلى قوله (فمن تبعك)؟ قلنا فيه وجوه (الأول) التقدير فان جهنم جزاؤهم وجزاؤكم ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل جزاؤكم (والثاني) يجوز أن يكون هذا الخطاب مع الغائبين على طريقة الالتفات (والثالث) أنه صلى الله عليه وسلم قال من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة فكل معصية توجد فيحصل لإبليس مثل وزر ذلك العامل.
فلما كان إبليس هو الأصل في كل المعاصي صار المخاطب بالوعيد هو إبليس، ثم قال (جزاء موفورا) وهذه اللفظة قد تجئ متعديا ولازما، أما المتعدى فيقال: وفرقته أفره وفرا (و) وفرة فهو موفور (و) موفر، قال زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه... يفره ومن لا يتق الشتم يشتم واللازم كقوله: وفر المال يفر وفورا وافر، فعلى التقدير (الأول) يكون المعنى جزاء موفورا موفوا، وعلى (الثاني) يكون المعنى جزاء موفورا وافرا، وانتصب قوله (جزاء) على المصدر.
قوله تعالى (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) اعلم أن إبليس لما طلب من الله الإمهال إلى يوم القيامة لأجل أن يحتنك ذرية آدم فالله تعالى ذكر أشياء. أولها: قوله: * (اذهب) * ومعناه: أمهلتك هذه المدة. وثانيها: قوله تعالى: * (واستفزز من استطعت منهم بسوطك) * يقال أفزه الخوف واستفزه أي أزعجه واستخفه،