المكروهات والمحبوبات، فان الحب هو الذي لا ينتقص بالجفاء ولا يزداد بالوفاء، فان بقي الحب عند تسليط أسباب البلاء ظهر أن ذلك الحب كان حقيقيا، فلهذه الحكمة قال: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) * بمجرد تصديقكم الرسول قبل أن يبتليكم الله بالجهاد وتشديد المحنة والله أعلم.
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أمر الرماة أن يلزموا أصل الجبل، وأن لا ينتقلوا عن ذلك سواء كان الأمر لهم أو عليهم، فلما وقفوا وحملوا على الكفار وهزموهم وقتل علي طلحة بن أبي طلحة صاحب لوائهم، والزبير والمقداد شدا على المشركين ثم حمل الرسول مع أصحابه فهزموا أبا سفيان، ثم إن بعض القوم لما أن رأوا انهزام الكفار بادر قوم من الرماة إلى الغنيمة وكان خالد بن الوليد صاحب ميمنة الكفار، فلما رأى تفرق الرماة حمل على المسلمين فهزمهم وفرق جمعهم وكثر القتل في المسلمين، ورمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر فكسر رباعيته وشج وجهه، وأقبل يريد قتله، فذب عنه مصعب بن عمير وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد حتى قتله ابن قميئة، فظن أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قد قتلت محمدا، وصرخ صارح ألا ان محمدا قد قتل، وكان الصارخ الشيطان، ففشا في الناس خبر قتله، فهنالك قال بعض المسلمين: ليت عبد الله بن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان. وقال قوم من المنافقين: لو كان نبيا لما قتل، ارجعوا إلى إخوانكم والى دينكم، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: يا قوم ان كان قد قتل محمد فان رب محمد حي لا يموت وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى، ومر بعض المهاجرين بأنصاري يتشحط في دمه، فقال: يا فلان أشعرت أن محمدا قد قتل، فقال: ان