المسألة الثالثة: قوله: * (باء بسخط) * أي احتمله ورجع به، وقد ذكرناه في سورة البقرة.
المسألة الرابعة: قرأ عاصم في إحدى الروايتين عنه: * (رضوان الله) * بضم الراء، والباقون بالكسر وهما مصدران، فالضم كالكفران، والكسر كالحسبان.
المسألة الخامسة: قوله: * (ومأواه جهنم) * من صلة ما قبله والتقدير: كمن باء بسخط من الله وكان مأواه جهنم، فأما قوله: * (وبئس المصير) * فمنقطع عما قبله وهو كلام مبتدأ، كأنه لما ذكر جهنم أتبعه بذكر صفتها.
المسألة السادسة: نظير هذه الآية قوله تعالى: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم) * (الجاثية: 21) وقوله: * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * (السجدة: 18) وقوله: * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) * (ص: 28) واحتج القوم بهذه الآية على أنه لا يجوز من الله تعالى أن يدخل المطيعين في النار، وأن يدخل المذنبين الجنة، وقالوا: انه تعالى ذكر ذلك على سبيل الاستبعاد، ولولا أنه ممتنع في العقول، والا لما حسن هذا الاستبعاد، وأكد القفال ذلك فقال: لا يجوز في الحكمة أن يسوى المسئ بالمحسن، فان فيه إغراء بالمعاصي وإباحة لها وإهمالا للطاعات.
* (هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون) *.
وفيه مسائل.
المسألة الأولى: تقدير الكلام: لهم درجات عند الله، الا أنه حسن هذا الحذف، لان اختلاف أعمالهم قد صيرتهم بمنزلة الأشياء المختلفة في ذواتها. فكان هذا المجاز أبلغ من الحقيقة والحكماء يقولون: ان النفوس الانسانية مختلفة بالماهية والحقيقة، فبعضها ذكية وبعضها بليدة، وبعضها مشرقة نورانية، وبعضها كدرة ظلمانية، وبعضها خيرة وبعضها نذلة، واختلاف هذه الصفات ليس لاختلاف الأمزجة البدنية، بل لاختلاف ماهيات النفوس، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " وقال: " الأرواح جنود مجندة " وإذا كان كذلك ثبت أن الناس في أنفسهم درجات، لا أن لهم درجات.
المسألة الثانية: هم: عائد إلى لفظ " من " في قوله: * (أفمن اتبع رضوان الله) * (آل عمران: 162) ولفظ " من " يفيد الجمع في المعنى، فلهذا صح أن يكون قوله: * (هم) * عائدا إليه، ونظيره قوله: * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * فان قوله: * (يستوون) * صيغة الجمع وهو عائد إلى " من ".