" لا نورث " والتقدير: أن الشيء الذي تركناه صدقة، فذلك الشيء لا يورث. فان قيل: فعلى هذا التقدير لا يبقى للرسول خاصية في ذلك.
قلنا: بل تبقى الخاصية لاحتمال أن الأنبياء إذا عزموا على التصدق بشيء فبمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم ولا يرثه وارث عنهم، وهذا المعنى مفقود في حق غيرهم.
والجواب: أن فاطمة عليها السلام رضيت بقول أبي بكر بعد هذه المناظرة، وانعقد الاجماع على صحة ما ذهب إليه أبو بكر فسقط هذا السؤال والله أعلم.
المسألة الثامنة: من المسائل المتعلقة بهذه الآية أن قوله: * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * معناه للذكر منهم، فحذف الراجع إليه لأنه مفهوم، كقولك: السمن منوان بدرهم، والله أعلم.
أما قوله تعالى: * (فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) * المعنى إن كانت البنات أو المولودات نساء خلصا ليس معهن ابن، وقوله: * (فوق اثنتين) * يجوز أن يكون خبرا ثانيا لكان، وأن يكون صفة لقوله: * (نساء) * أي نساء زائدات على اثنتين. وههنا سؤالات.
السؤال الأول: قوله: * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * كلام مذكور لبيان حظ الذكر من الأولاد، لا لبيان حظ الأنثيين، فكيف يحسن إرادته بقوله: * (فان كن نساء) * وهو لبيان حظ الإناث.
والجواب من وجهين: الأول: أنا بينا أن قوله: * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * دل على أن حظ الأنثيين هو الثلثان، فلما ذكر ما دل على حكم الأنثيين قال بعده: * (فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) * على معنى: فان كن جماعة بالغات ما بلغن من العدد، فلهن ما للثنتين وهو الثلثان، ليعلم أن حكم الجماعة حكم الثنتين بغير تفاوت، فثبت أن هذا العطف متناسب. الثاني: أنه قد تقدم ذكر الأنثيين، فكفى هذا القول في حسن هذا العطف.
السؤال الثاني: هل يصح أن يكون الضميران في " كن " و " كانت " مبهمين ويكون " نساء " و " واحدة " تفسيرا لهما على أن " كان " تامة؟
الجواب: ذكر صاحب " الكشاف ": أنه ليس ببعيد.
السؤال الثالث: النساء: جمع، وأقل الجمع ثلاثة، فالنساء يجب أن يكن فوق اثنتين فما الفائدة في التقييد بقوله فوق اثنتين؟
الجواب: من يقول أقل الجمع اثنان فهذه الآية حجته، ومن يقول: هو ثلاثة قال هذا للتأكيد، كما في قوله: * (إنما يأكلون في بطونهم نارا) * (النساء: 10) وقوله: * (لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد) *.
أما قوله تعالى: * (وإن كانت واحدة فلها النصف) * فنقول: قرأ نافع (واحدة) بالرفع، والباقون