المسألة الثالثة: قال الأخفش والزجاج: اللام في * (وما كان لنفس) * معناها النفي، والتقدير وما كانت نفس لتموت الا بإذن الله.
المسألة الرابعة: دلت الآية على أن المقتول ميت بأجله، وأن تغيير الآجال ممتنع.
وقوله تعالى: * (كتابا مؤجلا) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (كتابا مؤجلا) * منصوب بفعل دل عليه ما قبله فان قوله: * (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله) * قام مقام أن يقال: كتب الله، فالتقدير كتب الله كتابا مؤجلا ونظيره قوله: * (كتاب الله عليكم) * لأن في قوله * (حرمت عليكم أمهاتكم) * (النساء: 23) دلالة على أنه كتب هذا التحريم عليكم ومثله: صنع الله، ووعد الله، وفطرة الله، وصبغة الله.
المسألة الثانية: المراد بالكتاب المؤجل الكتاب المشتمل على الآجال، ويقال: انه هو اللوح المحفوظ، كما ورد في الأحاديث أنه تعالى قال للقلم " اكتب فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ".
واعلم أن جميع الحوادث لا بد أن تكون معلومة لله تعالى، وجميع حوادث هذا العالم من الخلق والرزق والأجل والسعادة والشقاوة لا بد وأن تكون مكتوبة في اللوح المحفوظ، فلو وقعت بخلاف علم الله لانقلب علمه جهلا، ولانقلب ذلك الكتاب كذبا، وكل ذلك محال، وإذا كان الأمر كذلك ثبت ان الكل بقاء الله وقدره. وقد ذكر بعض العلماء هذا المعنى في تفسير هذه الآية وأكده بحديث الصادق المصدوق، وبالحديث المشهور من قوله عليه السلام " فحج آدم موسى " قال القاضي: أما الأجل والرزق فهما مضافان إلى الله، وأما الكفر والفسق والايمان والطاعة فكل ذلك مضاف إلى العبد، فإذا كتب تعالى ذلك فإنما يكتب بعلمه من اختيار العبد، وذلك لا يخرج العبد من أن يكون هو المذموم أو الممدوح.
واعلم أنه ما كان من حق القاضي أن يتغافل عن موضع الاشكال، وذلك لأنا نقول: إذا علم الله من العبد الكفر وكتب في اللوح المحفوظ منه الكفر، فلو أتى بالايمان لكان ذلك جمعا بين المتناقضين، لأن العلم بالكفر والخبر الصدق عن الكفر مع عدم الكفر جمع بين النقيضين وهو محال، وإذا كان موضع الالزام هو هذا فأنى ينفعه الفرار من ذلك إلى الكلمات الأجنبية عن هذا الالزام.
وأما قوله تعالى: * (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) *.
فاعلم أن الذين حضروا يوم أحد كانوا فريقين، منهم من يريد الدنيا، ومنهم من يريد الآخرة