تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * (محمد: 22) وقال: * (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) * قيل في الأول: إنه القرابة، وقال: * (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) * (الإسراء: 23) وقال: * (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين) * (النساء: 36) وعن عبد الرحمن بن عوف: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى أنا الرحمن وهي الرحم اشتققت اسمها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم وما من عمل عصى الله به أعجل عقوبة من البغي واليمين الفاجرة " وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء ويدفع الله بهما المحذور والمكروه " وقال عليه الصلاة والسلام: " أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح " قيل الكاشح العدو، فثبت بدلالة الكتاب والسنة وجوب صلة الرحم واستحقاق الثواب بها، ثم إن أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه بنوا على هذا الأصل مسألتين: إحداهما: أن الرجل إذا ملك ذا رحم محرم عتق عليه مثل الأخ والأخت، والعم والخال، قال لأنه لو بقي الملك لحل الاستخدام بالاجماع، لكن الاستخدام إيحاش يورث قطيعة الرحم، وذلك حرام بناء على هذا الأصل، فوجب أن لا يبقى الملك، وثانيهما: أن الهبة لذي الرحم المحرم لا يجوز الرجوع فيها لان ذلك الرجوع ايحاش يورث قطيعة الرحم، فوجب أن لا يجوز، والكلام في هاتين المسألتين مذكور في الخلافيات.
ثم أنه تعالى ختم هذه الآية بما يكون كالوعد والوعيد والترغيب والترهيب فقال: * (ان الله كان عليكم رقيبا) * والرقيب هو المراقب الذي يحفظ عليك جميع أفعالك. ومن هذا صفته فإنه يجب أن يخاف ويرجى، فبين تعالى أنه يعلم السر وأخفى، وانه إذا كان كذلك يجب أن يكون المرء حذرا خائفا فيما يأتي ويترك.
* (وءاتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا) *.