وهذا بمنزلة أن يخوف الوالد ولده بأنك ان عصيتني أدخلتك دار السباع، ولا يدل ذلك على أن تلك الدار لا يدخلها غيرهم فكذا ههنا.
السؤال الثالث: هل تدل الآية على أن النار مخلوقة الآن أم لا؟
الجواب: نعم لأن قوله: * (أعدت) * إخبار عن الماضي فلا بد أن يكون قد دخل ذلك الشيء في الوجود.
ثم قال تعالى: * (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) * ولما ذكر الوعيد ذكر الوعد بعده على ما هو العادة المستمرة في القرآن، وقال: محمد بن إسحاق بن يسار هذه الآية معاتبة للذين عصوا الرسول صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بما أمرهم يوم أحد، وقالت المعتزلة هذه الآية دالة على أن حصول الرحمة موقوف على طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا عام فيدل الظاهر على أن من عصى الله ورسوله في شيء من الأشياء أنه ليس أهلا للرحمة وذلك يدل على قول أصحاب الوعيد.
* (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض أعدت للمتقين) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ نافع وابن عامر * (سارعوا) * بغير واو، وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام، والباقون بالواو، وكذلك هو في مصاحف مكة والعراق ومصحف عثمان، فمن قرأ بالواو عطفها على ما قبلها والتقدير أطيعوا الله والرسول وسارعوا، ومن ترك الواو فلأنه جعل قوله: * (سارعوا) * وقوله: * (أطيعوا الله) * (آل عمران: 32) كالشئ الواحد، ولقرب كل واحد منها من الآخر في المعنى أسقط العاطف.
المسألة الثانية: روي عن الكسائي الإمالة في * (سارعوا) * * (أولئك يسارعون) * (المؤمنون: 61) * (ونسارع) * (المؤمنون: 65) وذلك جائز لمكان الراء المسكورة، ويمنع كما المفتوحة الإمالة، كذلك المسكورة يميلها.
المسألة الثالثة: قالوا: في الكلام حذف والمعنى: وسارعوا إلى ما يوجب مغفرة من ربكم ولا شك أن الموجب للمغفرة ليس الا فعل المأمورات وترك المنهيات، فكان هذا أمرا بالمسارعة إلى فعل المأمورات وترك المنهيات، وتمسك كثير من الأصوليين بهذه الآية في أن ظاهر الأمر يوجب الفور ويمنع من التراخي ووجهه ظاهر، وللمفسرين فيه كلمات: إحداها: قال ابن عباس: هو الاسلام