على المصدر، وذلك لأن النحلة والايتاء بمعنى الاعطاء، فكأنه قيل: وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة أي أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم. والثاني: أنها نصب على الحال، ثم فيه وجهان: أحدهما: على الحال من المخاطبين أي آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالاعطاء. والثاني: على الحال من الصدقات، أي منحولة معطاة عن طيبة الأنفس.
المسألة السادسة: قال أبو حنيفة رضي الله عنه: الخلوة الصحيحة تقرر المهر، وقال الشافعي رضي الله عنه: لا تقرره احتج أبو حنيفة على صحة قوله بهذه الآية، وذلك لأن هذا النص يقتضي إيجاب إيتاء المهر بالكلية مطلقا، ترك العمل به فيما إذا لم يحصل المسيس ولا الخلوة، فعند حصولهما وجب البقاء على مقتضى الآية.
أجاب أصحابنا بأن هذه عامة وقوله تعالى: * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) * (البقرة: 237) يدل على أنه لا يجب فيها إلا نصف المهر، وهذه الآية خاصة ولا شك أن الخاص مقدم على العام.
قوله تعالى: * (فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) *.
اعلم أنه تعالى لما أمرهم بايتائهن صدقاتهن عقبه بذكر جواز قبول إبرائها وهبتها له، لئلا يظن أن عليه إيتاءها مهرها وإن طابت نفسها بتركه، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: نفسا: نصب على التمييز والمعنى: طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق بنقل الفعل من الأنفس إليهن، فخرجت النفس مفسرة كما قالوا: أنت حسن وجها، والفعل في الأصل للوجه، فلما حول إلى صاحب الوجه خرج الوجه مفسرا لموقع الفعل، ومثله: قررت به عينا وضقت به ذرعا.
المسألة الثانية: إنما وحد النفس لأن المراد به بيان موقع الفعل، وذلك يحصل بالواحد ومثله عشرون درهما. قال الفراء: لو جمعت كان صوابا كقوله: * (الأخسرين أعمالا) * (الكهف: 103).
المسألة الثالثة: من: في قوله: * (منه) * ليس للتبعيض، بل للتبيين والمعنى عن شيء من هذا الجنس الذي هو مهر كقوله: * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) * (الحج: 30) وذلك أن المرأة لو طابت نفسها عن جميع المهر حل للزوج أن يأخذه بالكلية.
المسألة الرابعة: منه: أي من الصدقات أو من ذلك وهو كقوله تعالى: * (قل أؤنبئكم بخير من