* (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) *.
اعلم أن الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا: * (لو نعلم قتالا لاتبعناكم) * (آل عمران: 167) وصفهم الله تعالى بأنهم كما قعدوا واحتجوا لقعودهم، فكذلك ثبطوا غيرهم واحتجوا لذلك، فحكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا لإخوانهم إن الخارجين لو أطاعونا ما قتلوا، فخوفوا من مراده موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في محاربة الكفار بالقتل لما عرفوا ما جرى يوم أحد من الكفار على المسلمين من القتل، لأن المعلوم من الطباع محبة الحياة فكان وقوع هذه الشبهة في القلوب يجري مجرى ما يورده الشيطان من الوسواس، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في محل * (الذين) * وجوه: أحدها: النصب على البدل من * (الذين نافقوا) * وثانيها: الرفع على البدل من الضمير في * (يكتمون) * وثالثها: الرفع على خبر الابتداء بتقدير: هم الذين، ورابعها: أن يكون نصبا على الذم.
المسألة الثانية: قال المفسرون: المراد * (بالذين قالوا) * عبد الله بن أبي وأصحابه، وقال الأصم: هذا لا يجوز لأن عبد الله بن أبي خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد يوم أحد، وهذا القول فهو واقع فيمن قد تخلف لأنه قال: * (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا) * أي في القعود ما قتلوا فهو كلام متأخر عن الجهاد، قاله لمن خرج إلى الجهاد ولمن هو قوي النية في ذلك ليجعله شبهة فيما بعده صارفا لهم عن الجهاد.
المسألة الثالثة: قالوا لإخوانهم: أي قالوا لأجل إخوانهم، وقد سبق بيان المراد من هذه الاخوة، الاخوة في النسب، أو الاخوة بسبب المشاركة في الدار، أو في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عبادة الأوثان؟ والله أعلم.
المسألة الرابعة: قال الواحدي: الواو في قوله: * (وقعدوا) * للحال ومعنى هذا القعود القعود عن الجهاد يعني من قتل بأحد لو قعدوا كما قعدنا وفعلوا كما فعلنا لسلموا ولم يقتلوا، ثم أجاب الله عن ذلك بقوله: * (قل فادرؤا عن أنفسكم الموت ان كنتم صادقين