في صورة التوبة، فكذلك يجب أن يكون مخصوصا في صورة العفو للدلائل الدالة على العفو.
ثم قال تعالى: * (وهم لا يظلمون) * قال القاضي: هذا يدل على أن الظلم ممكن في أفعال الله وذلك بأن ينقص من الثواب أو يزيد في العقاب، قال: ولا يتأتى ذلك إلا على قولنا دون قول من يقول من المجبرة: ان أي شيء فعله تعالى فهو عدل وحكمة لأنه المالك.
الجواب: نفي الظلم عنه لا يدل على صحته عليه، كما أن قوله: * (لا تأخذه سنة ولا نوم) * (البقرة: 255) لا يدل على صحتهما عليه.
* (أفمن اتبع رضوان الله كمن بآء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) *.
اعلم أنه تعالى لما قال: * (ثم توفى كل نفس ما كسبت) * (البقرة: 281، آل عمران: 161) أتبعه بتفصيل هذه الجملة، وبين ان جزاء المطيعين ما هو، وجزاء المسيئين ما هو، فقال: * (أفمن اتبع رضوان الله) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: للمفسرين فيه وجوه: الأول: * (أفمن اتبع رضوان الله) * في ترك الغلول * (كمن باء بسخط من الله) * في فعل الغلول، وهو قول الكلبي والضحاك. الثاني: أفمن اتبع رضوان الله بالايمان به والعمل بطاعته، كمن باء بسخط من الله بالكفر به والاشتغال بمعصيته، الثالث: * (أفمن اتبع رضوان الله) * وهم المهاجرون، * (كمن باء بسخط من الله) * وهم المنافقون، الرابع: قال الزجاج: لما حمل المشركون على المسلمين دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى أن يحملوا على المشركين، ففعله بعضهم وتركه آخرون. فقال: * (أفمن اتبع رضوان الله) * وهم الذين امتثلوا أمره * (كمن باء بسخط من الله) * وهم الذين لم يقبلوا قوله، وقال القاضي: كل واحد من هذه الوجوه صحيح، ولكن لا يجوز قصر اللفظ عليه * (أفمن اتبع رضوان الله) * وكل من أخلد إلى متابعة النفس والشهوة فهو داخل تحت قوله: * (كمن باء بسخط من الله) * أقصى ما في الباب أن الآية نازلة في واقعة معينة، لكنك تعلم أن عموم اللفظ لا يبطل لأجل خصوص السبب.
المسألة الثانية: قوله: * (أفمن اتبع) * الهمزة فيه للانكار، والفاء للعطف على محذوف تقديره: أمن اتقى فاتبع رضوان الله.