السؤال الرابع: كيف تركيب هذه الآية.
الجواب: قوله: * (لكل واحد منهما) * بدل من قوله: * (لأبويه) * بتكرير العامل، وفائدة هذا البدل أنه لو قيل: ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه.
فان قيل: فهلا قيل لكل واحد من أبويه السدس.
قلنا: لأن في الابدال والتفصيل بعد الاجمال تأكيدا وتشديدا، والسدس مبتدأ وخبره: لأبويه، والبدل متوسط بينهما للبيان.
قوله تعالى: * (فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) *.
وفي الآية مسألتان:
المسألة الأولى: اعلم أن هذا هو الحالة الثانية من أحوال الأبوين، وهو أن لا يحصل معهما أحد من الأولاد، ولا يكون هناك وارث سواهما، وهو المراد من قوله: * (وورثه أبواه) * فههنا للأم الثلث، وذلك فرض لها، والباقي للأب، وذلك لأن قوله: * (وورثه أبواه) * ظاهره مشعر بأنه لا وارث له سواهما، وإذا كان كذلك كان مجموع المال لهما، فإذا كان نصيب الأم هو الثلث وجب أن يكون الباقي وهو الثلثان للأب، فههنا يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين كما في حق الأولاد، ويتفرع على ما ذكرنا فرعان: الأول: أن الآية السابقة دلت على أن فرض الأب هو السدس، وفي هذه الصورة يأخذ الثلثين إلا أنه ههنا يأخذ السدس بالفريضة، والنصف بالتعصيب. الثاني: لما ثبت أنه يأخذ النصف بالتعصيب في هذه الصورة وجب أن يكون الأب إذا انفرد أن يأخذ كل المال، لأن خاصية العصبة هو أن يأخذ الكل عند الانفراد، هذا كله إذا لم يكن للميت وارث سوى الأبوين، أما إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين فذهب أكثر الصحابة إلى أن الزوج يأخذ نصيبه ثم يدفع ثلث ما بقي إلى الأم، ويدفع الباقي إلى الأب، وقال ابن عباس: يدفع إلى الزوج نصيبه، والى الأم الثلث، ويدفع الباقي إلى الأب، وقال: لا أجد في كتاب الله ثلث ما بقي، وعن ابن سيرين أنه وافق ابن عباس في الزوجة والأبوين، وخالفه في الزوج والأبوين، لأنه يفضي إلى أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين، وأما في الزوجة فإنه لا يفضي إلى ذلك، وحجة الجمهور وجوه: الأول: أن قاعدة الميراث أنه متى اجتمع الرجل والمرأة من جنس واحد كان للذكر مثل حظ الأنثيين، ألا ترى أن الابن مع البنت كذلك قال تعالى: * (يوصيكم الله في أولادكم