أن صفية جاءت لتنظر إلى أخيها حمزة فقال عليه الصلاة والسلام للزبير: ردها لئلا تجزع من مثلة أخيها، فقالت: قد بلغني ما فعل به وذلك يسير في جنب طاعة الله تعالى، فقال للزبير: فدعها تنظر إليه، فقالت خيرا واستغفرت له. وجاءت امرأة قد قتل زوجها وأبوها وأخوها وابنها فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو حي قالت: إن كل مصيبة بعدك هدر، فهذا ما قيل في سبب نزول هذه الآية، وأكثر الروايات على الوجه الأول.
المسألة الثالثة: استجاب: بمعنى أجاب، ومنه قوله: * (فليستجيبوا إلى) * (البقرة: 186) وقيل: أجاب، فعل الإجابة واستجاب طلب أن يفعل الإجابة، لأن الأصل في الاستفعال طلب الفعل، والمعنى أجابوا وأطاعوا الله في أوامره وأطاعوا الرسول من بعد ما أصابهم الجراحات القوية.
أما قوله تعالى: * (للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) * ففيه مسألتان.
المسألة الأولى: في قوله: * (للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) * وجوه: الأول: * (أحسنوا) * دخل تحته الائتمار بجميع المأمورات، وقوله: * (واتقوا) * دخل تحته الانتهاء عن جميع المنهيات، والمكلف عند هذين الأمرين يستحق الثواب العظيم. الثاني: أحسنوا في طاعة الرسول في ذلك الوقت، واتقوا الله في التخلف عن الرسول، وذلك يدل على أنه يلزمهم الاستجابة للرسول وإن بلغ الأمر بهم في الجراحات ما بلغ من بعد أن يتمكنوا معه من النهوض. الثالث: أحسنوا: فيما أتوا به من طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، واتقوا ارتكاب شيء من المنهيات بعد ذلك.
المسألة الثانية: قال صاحب الكشاف " من " في قوله: * (للذين أحسنوا منهم) * للتبيين لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا واتقوا كلهم لا بعضهم.
قوله تعالى * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) *.