على الناس) * (البقرة: 143) الرابع: سموا شهداء لأنهم كما قتلوا أدخلوا الجنة، بدليل أن الكفار كما ماتوا أدخلوا النار بدليل قوله: * (أغرقوا فأدخلوا نارا) * (نوح: 25) فكذا ههنا يجب أن يقال: هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله، كما ماتوا دخلوا الجنة.
ثم قال تعالى: * (والله لا يحب الظالمين) * قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي المشركين، لقوله تعالى: * (إن الشرك لظلم عظيم) * (لقمان: 13) وهو اعتراض بين بعض التعليل وبعض، وفيه وجوه: الأول: والله لا يحب من لا يكون ثابتا على الايمان صابرا على الجهاد. الثاني: فيه إشارة إلى أنه تعالى إنما يؤيد الكافرين على المؤمنين لما ذكر من الفوائد، لا لأنه يحبهم.
ثم قال: * (وليمحص الله الذين آمنوا) * أي ليطهرهم من ذنوبهم ويزيلها عنهم، والمحص: في اللغة التنقية، والمحق في اللغة النقصان، وقال المفضل: هو أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه شيء، ومنه قوله تعالى: * (يمحق الله الربا) * (البقرة: 276) أي يستأصله. قال الزجاج: معنى الآية أن الله تعالى جعل الأيام مداولة بين المسلمين والكافرين، فان حصلت الغلبة للكافرين على المؤمنين كان المراد تمحيص ذنوب المؤمنين، وإن كانت الغلبة للمؤمنين على هؤلاء الكافرين كان المراد محق آثار الكافرين ومحوهم، فقابل تمحيص المؤمنين بمحق الكافرين، لأن تمحيص هؤلاء باهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك باهلاك أنفسهم، وهذه مقابلة لطيفة في المعنى. والأقرب أن المراد بالكافرين ههنا طائفة مخصوصة منهم وهم الذين حاربوا الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وإنما قلنا ذلك لعلمنا بأنه تعالى لم يمحق كل الكفار، بل كثير منهم بقي على كفره والله أعلم.
* (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين * ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى الوجوه التي هي الموجبات والمؤثرات في مداولة الأيام ذكر في هذه الآية ما هو السبب الأصلي لذلك، فقال * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) * بدون تحمل المشاق وفي الآية مسائل: