ودهري في النسبة إلى الدهر، وقال ابن زيد: الربانيون الأئمة والولاة، والربيون الرعية، وهم المنتسبون إلى الرب.
واعلم أنه تعالى مدح هؤلاء الربيين بنوعين: أولا بصفات النفي، وثانيا بصفات الاثبات، أما المدح بصفات النبي فهو قوله تعالى: * (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا) * ولا بد من الفرق بين هذه الأمور الثلاثة، قال صاحب " الكشاف ": ما وهنوا عند قتل النبي وما ضعفوا عن الجهاد بعده وما استكانوا للعدو، وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن والانكسار، عند الارجاف بقتل رسولهم، وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين، واستكانتهم للكفار حتى أرادوا أن يعتضدوا بالمنافق عبد الله بن أبي، وطلب الأمان من أبي سفيان، ويحتمل أيضا أن يفسر الوهن باستيلاء الخوف عليهم، ويفسر الضعف بأن يضعف إيمانهم، وتقع الشكوك والشبهات في قلوبهم، والاستكانة هي الانتقال من دينهم إلى دين عدوهم، وفيه وجه ثالث وهو ان الوهن ضعف يلحق القلب. والضعف المطلق هو اختلال القوة والقدرة بالجسم، والاستكانة هي إظهار ذلك العجز وذلك الضعف، وكل هذه الوجوه حسنة محتملة، قال الواحدي: الاستكانة الخضوع، وهو أن يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريد.
ثم قال تعالى: * (والله يحب الصابرين) * والمعنى أن من صبر على تحمل الشدائد في طريق الله ولم يظهر الجزع والعجز والهلع فان الله يحبه، ومحبة الله تعالى للعبد عبارة عن إرادة إكرامه واعزازه وتعظيمه، والحكم له بالثواب والجنة، وذلك نهاية المطلوب.
ثم انه تعالى أتبع ذلك بأن مدحهم بصفات الثبوت فقال:
* (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 1) *.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قوله: * (وثبت أقدامنا) * يدل على أن فعل العبد خلق الله تعالى، والمعتزلة يحملونه على فعل الألطاف.
المسألة الثانية: بين تعالى أنهم كانوا مستعدين عند ذلك التصبر والتجلد بالدعاء والتضرع بطلب