تفسير الرازي - الرازي - ج ٩ - الصفحة ١١١
في اللفظ فكان أولى، وحكى أبو زيد عن أبي عمرو أنه كان يقول: التشديد للكثرة، فاما واحد من واحد فيميز بالتخفيف، والله تعالى قال: * (حتى يميز الخبيث من الطيب) * فذكر شيئين، وهذا كما قال بعضهم في الفرق والتفريق، وأيضا قال تعالى: * (وامتازوا اليوم) * (يس: 59) وهو مطاوع الميز، وحجة من قرأ بالتشديد: أن التشديد للتكثير والمبالغة، وفي المؤمنين والمنافقين كثرة، فلفظ التمييز ههنا أولى، ولفظ الطيب والخبيث وان كان مفردا إلا أنه للجنس، فالمراد بهما جميع المؤمنين والمنافقين لا اثنان منهما.
المسألة الثانية: قد ذكرنا أن معنى الآية: ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من اختلاط المؤمن بالمنافق وأشباهه حتى يميز الخبيث من الطيب، أي المنافق من المؤمن. واختلفوا بأي شيء ميز بينهم وذكروا وجوها: أحدها: بالقاء المحن والمصائب والقتل والهزيمة، فمن كان مؤمنا ثبت على إيمانه وعلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن كان منافقا ظهر نفاقه وكفره. وثانيها: أن الله وعد بنصرة المؤمنين وإذلال الكافرين، فلما قوي الاسلام عظمت دولته وذل الكفر وأهله، وعند ذلك حصل هذا الامتياز. وثالثها: القرائن الدالة على ذلك، مثل ان المسلمين كانوا يفرحون بنصرة الاسلام وقوته، والمنافقين كانوا يغتمون بسبب ذلك.
المسألة الثالثة: ههنا سأل، وهو أن هذا التمييز إن ظهر وانكشف فقد ظهر كفر المنافقين، وظهور الكفر منهم ينفي كونهم منافقين، وان لم يظهر لم يحصل موعود الله.
وجوابه: أنه ظهر بحيث يفيد الامتياز الظني، لا الامتياز القطعي.
ثم قال تعالى: * (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) * معناه أنه سبحانه حكم بأن يظهر هذا التمييز، ثم بين بهذه الآية أنه لا يجوز أن يحصل ذلك التمييز بأن يطلعكم الله على غيبه فيقول: إن فلانا منافق وفلانا مؤمن، وفلانا من أهل الجنة وفلانا من أهل النار، فان سنة الله جارية بأنه لا يطلع عوام الناس على غيبه، بل لا سبيل لكم إلى معرفة ذلك الامتياز إلا بالامتحانات مثل ما ذكرنا من وقوع المحن والآفات، حتى يتميز عندها الموافق من المنافق، فأما معرفة ذلك على سبيل الاطلاع من الغيب فهو من خواص الأنبياء، فلهذا قال: * (ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء) * أي ولكن الله يصطفى من رسله من يشاء فخصهم باعلامهم أن هذا مؤمن وهذا منافق. ويحتمل ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فيمتحن خلقه بالشرائع على أيديهم حتى يتميز الفريقان بالامتحان، ويحتمل أيضا أن يكون المعنى: وما كان الله ليجعلكم كلكم عالمين بالغيب من حيث يعلم الرسول حتى تصيروا مستغنين عن الرسول، بل الله يخص من يشاء من عباده بالرسالة، ثم يكلف الباقين طاعة هؤلاء الرسل.
ثم قال: * (فآمنوا بالله ورسله) * والمقصود أن المنافقين طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بوقوع
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا) الآية 2
2 قوله تعالى (واتقوا النار التي أعدت للكافرين) 3
3 قوله تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) 4
4 قوله تعالى (الذين ينفقون في السراء 6
5 قوله تعالى (والذين إذا فعلوا فاحشة) 8
6 قوله تعالى (ولم يصروا على ما فعلوا) 10
7 قوله تعالى (قد خلت من قبلكم سنن) 11
8 قوله تعالى (هذا بيان للناس) الآية 12
9 قوله تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا) الآية 13
10 قوله تعالى (إن يمسسكم قرح) الآية 14
11 قوله تعالى (وتلك الأيام نداولها) الآية 15
12 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
13 قوله تعالى (وما محمد إلا رسول) الآية 20
14 قوله تعالى (وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله) الآية 22
15 قوله تعالى (وكأين من نبي قاتل معه ربيون) 25
16 قوله تعالى (وما كان قولهم إلا أن قالوا) 27
17 قوله تعالى (فآتاهم الله ثواب الدنيا) الآية 28
18 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا) الآية 30
19 قوله تعالى (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) الآية 31
20 قوله تعالى (ولقد صدقكم الله وعده) 33
21 قوله تعالى (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) 37
22 قوله تعالى (إذ تصعدون ولا تلوون) 39
23 قوله تعالى (فأثابكم غما بغم) الآية 40
24 قوله تعالى (لكيلا تحزنوا) الآية 42
25 قوله تعالى (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا) الآية 43
26 قوله تعالى (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) 46
27 قوله تعالى (يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك) الآية 48
28 قوله تعالى (إن الذين تولوا منكم) الآية 50
29 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا) الآية 52
30 قوله تعالى (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) الآية 55
31 قوله تعالى (ولئن قتلتم في سبيل الله) 57
32 قوله تعالى (ولئن متم أو قتلتم) الآية 59
33 قوله تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم) 60
34 قوله تعالى (فاعف عنهم واستغفر لهم) 64
35 قوله تعالى (فإذا عزمت فتوكل على الله) 67
36 قوله تعالى (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) 68
37 قوله تعالى (وما كان لنبي أن يغل) الآية 69
38 قوله تعالى (أفمن اتبع رضوان الله) الآية 74
39 قوله تعالى (هم درجات عند الله) الآية 75
40 قوله تعالى (لقد من الله على المؤمنين) 77
41 قوله تعالى (أو لما أصابتكم مصيبة) الآية 81
42 قوله تعالى (وما أصابكم يوم التقى الجمعان) 83
43 قوله تعالى (قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم) 84
44 قوله تعالى (الذين قالوا لإخوانهم) الآية 87
45 قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآية 88
46 قوله تعالى (يرزقون فرحين بما آتاهم) 94
47 قوله تعالى (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم) الآية 95
48 قوله تعالى (يستبشرون بنعمة من الله) 96
49 قوله تعالى (الذين استجابوا لله) الآية 97
50 قوله تعالى (الذين قال لهم الناس) الآية 98
51 قوله تعالى (فانقبلوا بنعمة من الله) الآية 101
52 قوله تعالى (إنما ذلكم الشيطان) الآية 102
53 قوله تعالى (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) الآية 103
54 قوله تعالى (إن الذين اشتروا الكفر بالايمان) الآية 105
55 قوله تعالى (ولا يحسبن الذين كفروا) 106
56 قوله تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين) 110
57 قوله تعالى (فآمنوا بالله ورسله) 111
58 قوله تعالى (ولا يحسبن الذين يبخلون) 112
59 قوله تعالى (سيطوقون ما بخلوا به) الآية 114
60 قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) الآية 116
61 قوله تعالى (ونقول ذوقوا عذاب الحريق) 119
62 قوله تعالى (الذين قالوا إن الله عهد إلينا) 120
63 قوله تعالى (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك) الآية 123
64 قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) الآية 124
65 قوله تعالى (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) 126
66 قوله تعالى (لتبلون في أموالكم وأنفسكم) 127
67 قوله تعالى (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) 128
68 قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) الآية 129
69 قوله تعالى (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) الآية 131
70 قوله تعالى (إن في خلق السماوات والأرض) الآية 133
71 قوله تعالى (الذين يذكرون الله قياما) 135
72 قوله تعالى (ربنا ما خلقت هذا باطلا) 138
73 قوله تعالى (ربنا إنك من تدخل النار) 141
74 قوله تعالى (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي) 144
75 قوله تعالى (ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك) الآية 147
76 قوله تعالى (فاستجاب لهم ربهم) الآية 149
77 قوله تعالى (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم) الآية 151
78 قوله تعالى (لا يغرنك تقلب الذين كفروا) 152
79 قوله تعالى (لكن الذين اتقوا ربهم) 153
80 قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب) 154
81 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) 155
82 سورة النساء 157
83 قوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم) 157
84 قوله تعالى (وخلق منها زوجها) الآية 160
85 قوله تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به) 163
86 قوله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم) 166
87 قوله تعالى (وإن خفتم ألا تقسطوا) الآية 170
88 قوله تعالى (ذلك أدنى ألا تعولوا) الآية 176
89 قوله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) 179
90 قوله تعالى (فان طبن لكم عن شئ) الآية 181
91 قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) 183
92 قوله تعالى (وارزقوهم فيها واكسوهم) 186
93 قوله تعالى (وابتلوا اليتامى) الآية 187
94 قوله تعالى (ولا تأكلوها إسرافا) الآية 190
95 قوله تعالى (فإذا دفعتم إليهم أموالهم) 192
96 قوله تعالى (للرجال نصيب) 194
97 قوله تعالى (وإذا حضر القسمة) الآية 196
98 قوله تعالى (فارزقوهم منه) 197
99 قوله تعالى (وليخش الذين لو تركوا) 198
100 قوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى) الآية 200
101 قوله تعالى (وسيصلون سعيرا) 202
102 قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) 203
103 قوله تعالى (وإن كانت واحدة فلها النصف) 211
104 قوله تعالى (ولأبويه لكل واحد منهما السدس) 211
105 قوله تعالى (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه) الآية 212
106 قوله تعالى (فإن كان له إخوة) 213
107 قوله تعالى (من بعد وصية) 216
108 قوله تعالى (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون) 217
109 قوله تعالى (فريضة من الله) الآية 218
110 قوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) 219
111 قوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة) 221
112 قوله تعالى (وله أخ أو أخت) الآية 223
113 قوله تعالى (تلك حدود الله) الآية 226
114 قوله تعالى (ومن يعص الله ورسوله) 228
115 قوله تعالى (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) الآية 229
116 قوله تعالى (واللذان يأتيانها منكم) الآية 234
117 قوله تعالى (إن الله كان توابا رحيما) 236