في بدر ضعيف، لأن اللفظ عام، ولا تفاوت في المقصود، فكان التخصيص ممتنعا، ثم إن ظاهر هذه الآية يدل على أنه تعالى عفا عنهم من غير توبة، لأن التوبة غير مذكورة، فصار هذا دليلا على أنه تعالى قد يعفو عن أصحاب الكبائر، وأما دليل المعتزلة في المنع عن ذلك، فقد تقدم الجواب عنه في سورة البقرة.
ثم قال: * (والله ذو فضل على المؤمنين) * وهو راجع إلى ما تقدم من ذكر نعمه سبحانه وتعالى بالنصر أولا، ثم بالعفو عن المذنبين ثانيا. وهذه الآية دالة على أن صاحب الكبيرة مؤمن، لأنا بينا أن هذا الذنب كان من الكبائر، ثم انه تعالى سماهم المؤمنين، فهذا يقتضي أن صاحب الكبيرة مؤمن بخلاف ما تقوله المعتزلة، والله أعلم.
* (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا مآ أصابكم والله خبير بما تعملون) *.
فيه قولان:
أحدهما: أنه متعلق بما قبله، وعلى هذا التقدير ففيه وجوه: أحدها: كأنه قال وعفا عنكم إذ تصعدون، لأن عفوه عنهم لا بد وان يتعلق بأمر اقترفوه، وذلك الأمر هو ما بينه بقوله: * (إذ تصعدون) * والمراد به ما صدر عنهم من مفارقة ذلك المكان والأخذ في الوادي كالمنهزمين لا يلوون على أحد وثانيها: التقدير: ثم صرفكم عنهم إذ تصعدون. وثالثها: التقدير: ليبتليكم إذ تصعدون.
والقول الثاني: أنه ابتداء كلام لا تعلق له بما قبله، والتقدير: أذكر إذ تصعدون وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب " الكشاف ": قرأ الحسن * (إذ تصعدون في الجبل) *، وقرأ أبي * (إذ تصعدون في الوادي) * وقرأ أبو حياة * (إذ تصعدون) * بفتح التاء وتشديد العين، من تصعد في السلم.
المسألة الثانية: الاصعاد: الذهاب في الأرض والابعاد فيه، يقال صعد في الجبل، وأصعد في