عطاؤنا بغير حساب فامنن أو أمسك بغير حساب.
وما بعد هذا قد سبق تفسيره إلى قوله: (مسني الشيطان) وذلك أن الشيطان سلط عليه، فأضاف ما أصابه إليه.
قوله تعالى: (بنصب) قرأ الأكثرون بضم النون وسكون الصاد، وقرأ الحسن، وابن أبي عبلة، وابن السميفع، والجحدري، ويعقوب: بفتحهما، وهل بينهما فرق؟ فيه قولان:
أحدهما: أنهما سواء، قال الفراء: هما كالرشد والرشد والعدم، والعدم، والحزن والحزن، وكذلك قال ابن قتيبة، والزجاج. و قال المفسرون: والمراد بالنصب: الضر الذي أصابه.
والثاني: أن النصب بتسكين الصاد: الشر. وبتحريكها: الإعياء، قاله أبو عبيدة.
وقرأت عائشة، ومجاهد، وأبو عمران، وأبو جعفر، وشيبة، وأبو عمارة عن حفص: " بنصب " بضم النون والصاد جميعا. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الجوزاء، وهبيرة بن حفص:
" بنصب " بفتح النون وسكون الصاد. وفي المراد بالعذاب قولان:
أحدهما: أنه العذاب الذي أصاب جسده.
والثاني: أنه أخذ ماله وولده و أهله.
قوله تعالى: (أركض) أي: اضرب الأرض (برجلك)، ومنه: ركضت الفرس، فركض فنبعت عين ماء، فذلك قوله [تعالى]: (هذا مغتسل) قال ابن قتيبة: المغتسل: الماء، وهو الغسول أيضا. قال الحسن: ركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها، ثم مشى نحوا من أربعين ذراعا، ثم ركض برجله فنبعت عين فشرب منها، وعلى هذا جمهور العلماء أنه ركض ركضتين فنبعت له عينان، فاغتسل من واحدة، وشرب من الأخرى.
قوله تعالى: (و خذ بيدك ضغثا) كان قد حلف لئن شفاه الله ليجلدن زوجته مائة جلدة. وفي سبب هذه اليمين ثلاثة أقوال:
أحدها: أن إبليس جلس في طريق زوجة أيوب كأنه طبيب، فقالت له: يا عبد الله: إن هاهنا إنسانا مبتلى، فهل لك أن تداويه قال: نعم، إن شاء شفيته، على أن يقول إذا برأ: أنت شفيتني، فجاءت فأخبرته، فقال: ذاك الشيطان، لله علي إن شفاني أن أجلدك مائة جلدة، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس.
والثاني: أن إبليس لقيها فقال: إني أنا الذي فعلت بأيوب ما به، وأنا إله الأرض، وما أخذته منه فهو بيدي، فانطلقي أريك، فمشى بها غير بعيد، ثم سحر بصرها، فأراها واديا عميقا فيه أهلها