هذا لرزقنا ماله من نفاد (54) قوله تعالى: (و أذكر عبادنا) وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وحميد، وابن محيصن، وابن كثير:
" عبدنا " إشارة إلى إبراهيم، وجعلوا إسحاق ويعقوب عطفا عليه، لأنه الأصل وهما ولداه، والمعنى: أذكر صبرهم، فإبراهيم ألقي في النار، وإسحاق أضجع للذبح، ويعقوب صبر على ذهاب بصره وابتلي بفقد ولده، ولم يذكر إسماعيل معهم، لأنه لم يبتل كما ابتلوا.
(أولى الأيدي) يعني القوة في الطاعة (و الأبصار) البصائر في الدين والعلم. قال ابن جرير:
وذكر الأيدي مثل، وذلك لأن باليد البطش، وبالبطش تعرف قوة القوي فلذلك قيل للقوي: ذو يد، وعني بالبصر: بصر القلب، وبه تنال معرفة الأشياء. وقرأ ابن مسعود، والأعمش، وابن أبي عبلة:
" أولي الأيد " بغير ياء في الحالين. قال الفراء: ولها وجهان:
أحدهما: أن يكون القارئ لهذا أراد الأيدي، فحذف الياء، وهو صواب، مثل الجوار والمناد.
والثاني: أن يكون من القوة والتأييد، من قوله تعالى: (و أيدناه بروح القدس).
قوله تعالى: (إنا أخلصناهم) أي: اصطفيناهم وجعلناهم لنا خالصين، فأفردناهم بمفردة من خصال الخير، ثم أبان عنها بقوله تعالى: (ذكرى الدار). و في المراد بالدار هاهنا قولان:
أحدهما: الآخرة.
والثانية: الجنة.
وفي الذكرى قولان:
أحدهما: أنها من الذكر، فعلى هذا يكون المعنى: أخلصناهم بذكر الآخرة، فليس لهم ذكر غيرها، قاله مجاهد، وعطاء، والسدي. وكان الفضيل بن عياض يقول: هو الخوف الدائم في القلب.
والثاني: أنها التذكير، فالمعنى أنهم يدعون الناس إلى الآخرة وإلى عبادة الله تعالى، قاله قتادة.
وقرأ نافع: " بخالصة ذكرى الدار " فأضاف " خالصة " إلى " ذكرى الدار " قال أبو علي:
تحتمل قراءة من نون وجهين: