أيديهم حتى ذهب إلى البحر، فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت، قاله السدي.
وفي قدر مكث الشيطان قولان:
أحدهما: أربعون يوما، قاله الأكثرون.
والثاني: أربعة عشر يوما، حكاه الثعلبي.
وأما قصة سليمان عليه السلام، فإنه لما سلب خاتمه، ذهب ملكه، فانطلق هاربا في الأرض، قال مجاهد: كان يستطعم فلا يطعم، فيقول: لو عرفتموني أعطيتموني، أنا سليمان، فيطردونه، حتى أعطته امرأة حوتا، فوجد خاتمه في بطن الحوت. وقال سعيد بن جبير: انطلق سليمان حتى أتى ساحل البحر، فوجد صيادين قد صادوا سمكا كثيرا وقد أنتن عليهم بعضه، فأتاهم يستطعم، فقالوا:
اذهب إلى تلك الحيتان فخذ منها، فقال: لا، أطعموني من هذا، فأبوا عليه، فقال: أطعموني، فإني سليمان، فوثب إليه رجل منهم فضربه بالعصا غضبا لسليمان، فأتى تلك الحيتان فأخذ منها شيئا، فشق بطن حوت، فإذا هو بالخاتم. وقال الحسن: ذكر لي أنه لم يؤوه أحد من الناس، ولم يعرف أربعين ليلة، وكان يأوي إلى امرأة مسكينة، فبينا هو يوما على شط نهر، وجد سمكة، فأتى بها المرأة فشقتها فإذا بالخاتم. وقال الضحاك: اشترى سمكة من امرأة فشق بطنها فوجد خاتمه وفي المدة التي سلب فيها الملك قولان:
أحدهما: أربعون ليلة، كما ذكرنا عن الحسن.
والثاني: خمسون ليلة، قاله سعيد بن جبير. قال المفسرون: فلما جعل الخاتم في يده، رد الله عليه بهاءه وملكه، فأظلته الطير، وأقبل لا يستقبله جني ولا طائر ولا حجر ولا شجر إلا سجد له، حتى انتهى إلى منزله قال السدي: ثم أرسل إلى الشيطان، فجيء به، فأمر به فجعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه وأقفل، وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر، فهو فيه إلى أن تقوم الساعة. وقال وهب: جاب صخرة فأدخله فيها، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم قذفه في البحر.
قوله تعالى: (وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) فتح الياء نافع، وأبو عمرو، وفيه قولان:
أحدهما: لا يكون لأحد بعدي، قاله مقاتل، وأبو عبيدة. وقد أخرج البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: (ذهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من