بعدي) فرددته خاسئا ".
والثاني: لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني في حياتي، كما فعل الشيطان الذي جلس على كرسيه، قاله الحسن، وقتادة. وإنما طلب هذا الملك، ليعلم أنه قد غفر له، ويعرف منزلته بإجابة دعوته، قاله الضحاك. ولم يكن في ملكه حين دعا بهذا الريح ولا الشياطين (فسخرنا له الريح) وقرأ أبو الجوزاء، وأبو جعفر، وأبو المتوكل: " الرياح " على الجمع.
قوله تعالى: (رخاء) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مطيعة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والضحاك.
والثاني: أنها الطيبة، قاله مجاهد.
والثالث: اللينة، مأخوذ من الرخاوة، قاله اللغويون.
فإن قيل: كيف وصفها بهذا بعد أن وصفها في سورة الأنبياء بأنها عاصفة؟
فالجواب: أن المفسرين قالوا: كان يأمر العاصف تارة ويأمر الرخاء أخرى. وقال إن قتيبة:
كأنها كانت تشتد إذا أراد.
قوله تعالى: (حيث أصاب) أي: حيث قصد وأراد. قال الأصمعي: تقول العرب: أصاب فلان الصواب فأخطأ الجواب، أي: أراد الصواب.
قوله تعالى: (و الشياطين) أي: وسخرنا له الشياطين (كل بناء) يبنون له ما يشاء (وغواص) يغوصون له في البحار فيستخرجون الدر، (و آخرين) أي: وسخرنا له آخرين، وهم مردة الشياطين، سخرهم له حتى قرنهم في الأصفاد لكفرهم، قال مقاتل: أوثقهم في الحديد. وقد شرحنا معنى (مقرنين في الأصفاد) في سورة [نبي الله] إبراهيم [عليه السلام] (هذا عطاؤنا) المعنى: قلنا له: هذا عطاؤنا. وفي المشار إليه قولان:
أحدهما: أنه جميع ما أعطي، (فامنن أو أمسك) أي: أعط من شئت من المال، وامنع من شئت، والمن: الإحسان إلى من لا يطلب ثوابه.
والثاني: أنه إشارة إلى الشياطين المسخرين له، فالمعنى: فامنن على من شئت باطلاقه، وأمسك من شئت منهم. وقد روي معنى القولين عن ابن عباس.
قوله تعالى: (بغير حساب) قال الحسن: لا تبعة عليك في الدنيا ولا في الآخرة. وقال سعيد بن جبير: ليس عليك حساب يوم القيامة. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: هذا