رجع. وفيما رجع إليه قولان:
و المعنى: أجلسنا على كرسيه في ملكه شيطانا. (ثم أناب) أي: رجع. و فيما رجع إليه قولان:
أحدهما: تاب من ذنبه، قاله قتادة.
والثاني: رجع إلى ملكه، قاله الضحاك.
وفي سبب ابتلاء سليمان بهذا خمسة أقوال:
أحدها: أنه كانت له امرأة يقال لها: جرادة، فكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة، فقضى بينهم بالحق، إلا أنه ود أن الحق كان لأهلها، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحدا، وأوحى الله تعالى إليه أنه سيصيبك بلاء، فكان لا يدري أيأتيه من السماء، أو من الأرض، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أن زوجته جرادة كانت آثر النساء عنده، فقالت له يوما: إن أخي بينه وبين فلان خصومة، وإني أحب أن تقضي له، فقال: نعم، ولم يفعل، فابتلي لأجل ما قال، قاله السدي.
والثالث: أن زوجته جرادة كان قد سباها في غزاة له، وكانت بنت ملك فأسلمت، وكانت تبكي عنده بالليل والنهار، فسألها عن حالها، فقالت: أذكر أبي وما كنت فيه، فلو أنك أمرت الشياطين فصوروا صورته في داري فأتسلى بها، ففعل، فكانت إذا خرج سليمان، تسجد له هي و ولائدها أربعين صباحا، فلما علم سليمان، كسر تلك الصورة، وعاقب المرأة وولائدها ثم تضرع إلى الله تعالى مستغفرا مما كان في داره، فسلط الشيطان على خاتمه، هذا قول وهب بن منبه.
والرابع: أنه احتجب عن الناس ثلاثة أيام، فأوحى الله تعالى إليه: يا سليمان، احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور عبادي ولم تنصف مظلوما من ظالم؟! فسلط الشيطان على خاتمه، قاله سعيد بن المسيب.
والخامس: أنه قارب امرأة من نسائه في الحيض أو غيره، قاله الحسن.
والقول الثاني: أن المراد بالجسد الذي ألقي على كرسيه: أنه ولد له ولد فاجتمعت الشياطين، فقال بعضهم لبعض: إن عاش له ولد، لم ننفك من البلاء، فسبيلنا أن نقتل ولده أو نخبله، فعلم بذلك سليمان، فأمر السحاب فحمله، وعدا ابنه في السحاب خوفا من الشياطين، فعاتبه الحق تعالى على تخوفه من الشياطين، ومات الولد، فألقي على كرسيه ميتا جسدا، قاله الشعبي والمفسرون على القول الأول. ونحن نذكر قصة ابتلائه على قول الجمهور.