قوله تعالى: (فكذبوه فإنهم لمحضرون) النار (إلا عباد الله المخلصين) الذين لم يكذبوه، فإنهم لا يحضرون النار.
(الإشارة إلى القصة) ذكر أهل العلم بالتفسير والسير أنه لما كثرت الأحداث بعد قبض حزقيل، و عبدت الأوثان، بعث الله تعالى إلياس. قال ابن إسحاق: وهو إلياس بن تشبي بن فنحاص بن العيزار بن هارون ابن عمران، فجعل يدعوهم فلا يسمعون منه، فدعا عليهم بحبس المطر، فجهدوا جهدا شديدا، واستخفى إلياس خوفا منهم على نفسه. ثم إنه قال لهم يوما: إنكم قد هلكتم جهدا، وهلكت البهائم والشجر بخطاياكم، فاخرجوا بأصنامكم وادعوها، فإن استجابت لكم، فالأمر كما تقولون، وإن لم تفعل، علمتم أنكم على باطل فنزعتم عنه، ودعوت الله ففرج عنكم، فقالوا: أنصفت، فخرجوا بأوثانهم، فدعوا فلم تستجب لهم، فعرفوا ضلالهم، فقالوا: ادع الله لنا، فدعا لهم، فأرسل المطر وعاشت بلادهم، فلم ينزعوا عما كانوا عليه، فدعا إلياس ربه أن يقبضه إليه ويريحه منهم، فقيل له: اخرج يوم كذا إلى مكان كذا، فما جاءك من شئ فاركبه ولا تهبه، فخرج، فأقبل فرس من نار، فوثب عليه، فانطلق به، وكساه الله الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، فطار في الملائكة، فكان إنسيا ملكيا، أرضيا سماويا.
قوله تعالى: (سلام على إلياسين) قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي:
" إلياسين " موصولة مكسورة الألف ساكنة اللام، فجعلوها كلمة واحدة، وقرأ الحسن مثلهم، إلا أنه فتح الهمزة، وقرأ نافع، وابن عامر، وعبد الوارث، ويعقوب إلا زيدا: " إل ياسين " مقطوعة، فجعلوها كلمتين. وفي قراءة الوصل قولان:
أحدهما: أنه جمع لهذا النبي وأمته المؤمنين، به، وكذلك يجمع ما ينسب إلى الشئ، فتقول: رأيت المهالبة، تريد: بني المهلب، والمسامعة، تريد: بني مسمع.
والثاني: أنه اسم النبي وحده، وهو اسم عبراني، والعجمي من الأسماء قد يفعل به هذا، كما يقال ميكال وميكائيل، ذكر القولين الفراء والزجاج. فأما قراءة من قرأ: " إل ياسين " مفصولة، ففيها قولان:
أحدهما: أنهم آل هذا النبي المذكور، وهو يدخل فيهم، كقوله صلى الله عليه و آله و سلم: " اللهم صلى على آل أبي أوفى "، فهو داخل فيهم، لأنه هو المراد بالدعاء.
والثاني: أنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم، قاله الكلبي. وكان عبد الله بن مسعود يقرأ: " سلام على إدراسين " وقد بينا مذهبه في أن إلياس هو إدريس.