زاد المسير - ابن الجوزي - ج ٦ - الصفحة ٢٩٣
على متابعتنا، وعلى الثاني: لم نأتكم بحجة على ما دعوناكم إليه كما أتت الرسل.
قوله تعالى: (فحق علينا قول ربنا) أي: فوجبت علينا كلمة العذاب، وهي قوله تعالى:
(لأملئن جهنم) (إنا لذائقون) العذاب جميعا نحن وأنتم، (فأغويناكم) أي: أضللناكم عن الهدى بدعائكم إلى ما نحن عليه، وهو قوله تعالى: (إنا كنا غاوين).
ثم أخبر عن الأتباع والمتبوعين بقوله تعالى: (فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون)، والمجرمون هاهنا: المشركون، (إنهم كانوا) في الدنيا (إذا قيل لهم لا إله إلا الله) أي: قولوا هذه الكلمة (يستكبرون) أي: يتعظمون عن قولها، (و يقولون أئنا لتاركو آلهتنا) المعنى: أنترك عبادة آلهتنا (لشاعر) أي: لاتباع شاعر؟! يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد الله تعالى عليهم فقال: (بل) أي: ليس الأمر على ما قالوا، (جاء بالحق) وهو التوحيد والقرآن: (و صدق المرسلين) الذين كانوا قبله، والمعنى أنه أتى بما أتوا به. ثم خاطب المشركين بما بعد هذا إلى قوله تعالى: (إلا عباد الله المخلصين) يعني الموحدين. قال أبو عبيدة: والعرب تقول: إنكم لذاهبون إلا زيدا. وفي ما استثناهم منه قولان:
أحدهما: من الجزاء على الأعمال، فالمعنى: إنا لا نؤاخذهم بسوء أعمالهم، بل نغفر لهم، قاله ابن زيد.
والثاني: من دون العذاب، فالمعنى: فإنهم لا يذوقون العذاب، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (أولئك لهم رزق معلوم) فيه قولان:
أحدهما: أنه الجنة، قاله قتادة.
والثاني: أنه الرزق في الجنة، قاله السدي، فعلى هذا، في معنى " معلوم " قولان:
أحدهما: أنه بمقدار الغداة والعشي، قاله ابن سائب.
والثاني: أنهم حين يشتهونه يؤتون به، قاله مقاتل.
ثم بين الرزق فقال: (فواكه) وهي جمع فاكهة وهي الثمار كلها، رطبها ويابسها (و هم مكرمون) بما أعطاهم الله. وما بعد هذا قد تقدم تفسيره إلى قوله تعالى: (يطاف عليهم بكأس من معين) قال الضحاك: كل كأس ذكرت في القرآن، فإنما عني بها الخمر، قال أبو عبيدة:
الكأس: الإناء بما فيه، والمعين: الماء الطاهر الجاري. قال الزجاج: الكأس: الإناء الذي فيه الخمر، وتقع الكأس على كل إناء مع شرابه، فإن كان فارغا فليس بكأس. والمعين: الخمر
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست