أحدها: أنه الطرفاء، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه السمر، حكاه ابن جرير.
والثالث: أنه شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منه.
قوله تعالى: (و شئ من سدر) ففيه تقديم، تقديره: وشئ قليل من سدر قال قتادة: بينما شجرهم من خير الشجر، إذا صيره الله [تعالى] من شر الشجر.
قوله تعالى: (ذلك جزيناهم) أي: ذلك التبديل جزيناهم (بكفرهم وهل نجازي إلا الكفور).
فإن قيل: قد يجازي المؤمن والكافر، فما معنى هذا التخصيص؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن المؤمن يجزى ولا يجازى، فيقال في أفصح اللغة: جزى الله المؤمن، ولا يقال: جازاه، بمعنى كافأه، فالكافر يجازى بسيئته مثلها، مكافأة له، والمؤمن يزاد في الثواب ويتفضل عليه، هذا قول الفراء.
والثاني: أن الكافر ليست له حسنة تكفر ذنوبه، فهو يجازي بجميع الذنوب، والمؤمن قد أحبطت حسناته سيئاته، هذا قول الزجاج. وقال طاوس: الكافر يجازى ولا يغفر له، والمؤمن لا يناقش الحساب.
قوله تعالى: (و جعلنا بينهم) هذا معطوف على قوله تعالى: (لقد كان لسبأ)، والمعنى:
كان من قصصهم أنا جعلنا بينهم (وبين القرى التي باركنا فيها) وهي: قرى الشام، وقد سبق بيان معنى البركة فيها، هذا قول الجمهور. وحكى ابن السائب أن الله تعالى لما أهلك جنتيهم قالوا للرسل: قد عرفنا نعمة الله علينا، فلئن رد إلينا ما كنا عليه لنعبدنه عبادة شديدة، فرد عليهم النعمة، وجعل لهم قرى ظاهرة، فعادوا إلى الفساد وقالوا: باعد بين أسفارنا، فمزقوا.
قوله تعالى: (قرى ظاهرة) أي: متواصلة ينظر بعضها إلى بعض (وقدرنا فيها السير) فيه قولان:
أحدهما: أنهم كانوا يغدون فيقيلون في قرية، ويروحون فيبيتون في قرية، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: أنه جعل ما بين القرية والقرية مقدارا واحدا، قاله ابن قتيبة.