غير ألف. وقرأ الكسائي، وخلف: " مسكنهم " بكسر الكاف، وهي لغة.
قال المفسرون: المراد بسبأ هاهنا: القبيلة التي هم من أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقد ذكرنا في سورة النمل، الخلاف في هذا، وأن قوما يقولون: هو اسم بلد، وليس باسم رجل. وذكر الزجاج في هذا المكان أن من قرأ: " لسبأ " بالفتح وترك الصرف، جعله اسما للقبيلة، ومن صرف وكسر ونون، جعله اسما للحي واسما لرجل، وكل جائز حسن. و (آية) رفع، اسم " كان " و (جنتان) رفع على نوعين.
أحدهما: أنه بدل من " آية ".
والثاني: على إضمار، كأنه لما قيل: " آية " قيل: الآية جنتان.
الإشارة إلى قصتهم ذكر العلماء بالتفسير والسير أن بلقيس لما ملكت قومها جعل قومها يقتتلون على ماء واديهم، فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها، فتركت ملكها وانطلقت إلى قصرها فنزلته، فلما كثر الشر بينهم وندموا، أتوها فأرادوها على أن ترجع إلى ملكها، فأبت، فقالوا: لترجعن أو لنقتلنك، فقالت: إنكم لا تطيعونني وليست لكم عقول، فقالوا: فإنا نطيعك، فجاءت إلى واديهم - وكانوا إذا مطروا أتاه السيل من مسيرة أيام - فأمرت به، فسد ما بين الجبلين بمسناة، وحبست الماء من وراء السد، وجعلت له أبوابا بعضها فوق بعض، وبنت من دونه بركة وجعلت فيها اثني عشر مخرجا على عدة أنهارهم، فكان الماء يخرج بينهم بالسوية، إلى أن كان من شأنها مع سليمان ما سبق ذكره وبقوا بعدها على حالهم، وقيل: إنما بنوا ذلك البنيان لئلا يغشى السيل أموالهم فيهلكها، فكانوا يفتحون من أبواب السد ما يريدون، فيأخذون من الماء ما يحتاجون إليه، وكانت لهم جنتان عن يمين واديهم وعن شماله، فأخصبت أرضهم، وكثرت فواكههم، وإن كانت المرأة لتمر بين الجنتين والمكتل على رأسها، فترجع وقد امتلأ من الثمر ولا تمس بيدها شيئا منه، ولم يكن ترى في بلدهم حية ولا عقرب، ولا بعوضة ولا ذباب ولا برغوث، ويمر الغريب ببلدتهم وفي ثيابه القمل، فيموت القمل لطيب هوائها. وقيل لهم: (كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة) أي:
هذه بلدة طيبة، أو بلدتكم بلدة طيبة، ولم تكن سبخة ولا فيها ما يؤذي (ورب غفور) أي: والله رب غفور، وكانت ثلاث عشرة قرية، فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا، فكذبوا الرسل، ولم يقروا