بنعم الله، فذلك قوله تعالى: (فأعرضوا) أي: عن الحق، وكذبوا أنبياءهم (فأرسلنا عليهم سيل العرم) وفيه أربعة أقوال:
أحدها: أن العرم: الشديد، رواه علي بن أبي طالب عن ابن عباس. وقال ابن الأعرابي:
العرم: السيل الذي لا يطاق.
والثاني: أنه اسم الوادي، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والضحاك، ومقاتل.
والثالث: أنه المسناة، قاله مجاهد، وأبو ميسرة، والفراء، وابن قتيبة. وقال أبو عبيدة:
العرم: جمع عرمة، وهي: السكر والمسناة.
والرابع: أن العرم: الجرذ الذي نقب عليهم السكر، حكاه الزجاج. و في صفة إرسال هذا السيل عليهم قولان:
أحدهما: أن الله تعالى بعث على سكرهم دابة من الأرض فنقبت فيه نقبا، فسال ذلك الماء إلى موضع غير الموضع الذي كانوا ينتفعون به، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال قتادة والضحاك في آخرين: بعث الله عليهم جرذا يسمى الخلد - والخلد: الفأر الأعمى - فنقبه من أسفله، فأغرق الله به جناتهم، وخرب به أرضهم.
والثاني: أنه أرسل عليهم ماء أحمر، أرسله في السد فنسفه وهدمه وحفر الوادي، ولم يكن الماء أحمر من السد، وإنما كان سيلا أرسل عليهم، قاله مجاهد.
قوله تعالى: (و بدلناهم بجنتيهم) يعني اللتين تطعمان الفواكه (جنتين ذواتي أكل خمط قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " أكل " بالتنوين. وقرأ أبو عمرو:
" أكل " بالإضافة. وخفف الكاف ابن كثير ونافع، وثقلها الباقون. أما الأكل، فهو الثمر. و في المراد بالخمط ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الأراك، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجمهور، فعلى هذا، أكله:
ثمره، ويسمى ثمر الأراك: البرير.
والثاني: كل شجرة ذات شوك، قاله أبو عبيدة.
والثالث: أنه كل نبت قد أخذ طعما من المرارة حتى لا يمكن أكله، قاله المبرد والزجاج.
فعلى هذا القول، الخمط: اسم للمأكول، فيحسن على هذا قراءة من نون الأكل، وعلى ما قبله، هو اسم شجرة، والأكل ثمرها، فيحسن قراءة من أضاف.
فأما الأثل، ففيه ثلاثة أقوال: