" فزع " بفتح الفاء والزاي، والفعل لله عز وجل. وقرأ الحسن، وقتادة، وابن يعمر: " فرغ " بالراء غير معجمة، وبالغين، وهو بمعنى الأول، لأنها فرغت من الفزع. وقال غيره بل فرغت من الشك والشرك. و في المشار إليهم قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة. وقد دل الكلام على أنهم يفزعون لأمر يطرأ عليهم من أمر الله، ولم يذكره في الآية، لأن إخراج الفزع يدل على حصوله وفي سبب فزعهم قولان:
أحدهما: أنهم يفزعون لسماع كلام الله تعالى. و روى عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم، فيقولون: يا جبريل: ماذا قال ربك؟ قال: فيقول: الحق، فينادون: الحق الحق ". وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إذا قضى الله عز وجل الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله [تعالى]:، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم، قالوا: للذي قال الحق (وهو العلي الكبير) ".
والثاني: أنهم يفزعون من قيام الساعة. وفي السبب الذي ظنوه بدنو الساعة ففزعوا، قولان:
أحدهما: أنه لما كانت الفترة التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، ثم بعث الله محمدا، أنزل الله جبريل بالوحي، فلما نزل ظنت الملائكة أنه نزل بشئ من أمر الساعة، فصعقوا لذلك، فجعل جبريل يمر بكل سماء ويكشف عنهم الفزع ويخبرهم أنه الوحي، قاله قتادة، ومقاتل، وابن السائب. وقيل: لما علموا بالإيحاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فزعوا، لعلمهم أن ظهوره من أشراط الساعة.
والثاني: أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض ويكتبون أعمالهم إذا أرسلهم الله تعالى فانحدروا، يسمع لهم صوت شديد، فيحسب الذين هم أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة، فيخرون سجدا، ويصعقون حتى يعلموا أنه ليس من أمر الساعة، وهذا كلما مروا عليهم، رواه الضحاك عن ابن مسعود.
والقول الثاني: أن الذي أشير إليهم المشركون، ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: أن المعنى: حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند الموت - إقامة للحجة عليهم - قالت لهم الملائكة: ماذا قال ربكم في الدنيا؟ قالوا: الحق، فأقروا حين لم ينفعهم الإقرار، قاله الحسن، وابن زيد.