وفي ما كانوا يعملونها منه قولان:
أحدهما: من النحاس، قاله مجاهد.
والثاني: من الرخام والشبه، قاله قتادة.
قوله تعالى: (و جفان كالجوابي) الجفان: جمع جفنة، وهي القصعة الكبيرة، والجوابي، جمع جابية، وهي الحوض الكبير يجبي فيه الماء، أي: يجمع.
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " كالجوابي " بياء، إلا أن ابن كثير يثبت الياء في الوصل والوقف، وأبو عمرو يثبتها في الوصل دون الوقف. قال الزجاج: وأكثر القراء على الوقف بغير ياء، وكان الأصل الوقف بالياء، إلا أن الكسرة تنوب عنها.
قال المفسرون: كانوا يصنعون له القصاع كحياض الإبل، يجتمع على القصعة الواحدة ألف رجل يأكلون منها.
قوله تعالى: (وقدور راسيات) أي: ثوابت، يقال: رسا يرسو، إذا ثبت.
وفي علة ثبوتها في مكانها قولان:
أحدهما: أن أثافيها منها، قاله ابن عباس.
والثاني: أنها لا تنزل لعظمها، قاله ابن قتيبة.
قال المفسرون: وكانت القدور كالجبال لا تحرك من أماكنها، يأكل من القدر ألف رجل.
قوله تعالى: (و اعملوا آل داود شكرا) المعنى: و قلنا: اعملوا بطاعة الله [تعالى]: شكرا له على ما آتاكم.
قوله تعالى: (فلما قضينا عليه الموت) يعني على سليمان.
قال المفسرون: كانت الإنس تقول: إن الجن تعلم الغيب الذي يكون في غد، فوقف سليمان في محرابه يصلي متوكئا على عصاه، فمات، فمكث كذلك حولا والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة ولا تعلم بموته حتى أكلت الأرض عصا سليمان، فخر فعلموا بموته، وعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب.
وقيل: إن سليمان سأل الله تعالى أن يعمي على الجن موته، فأخفاه الله عنهم حولا. و في سبب سؤاله قولان:
أحدهما: لأن الجن كانوا يقولون للإنس: إننا نعلم الغيب، فأراد تكذيبهم.
والثاني: لأنه كان قد بقي من عمارة بيت المقدس بقية.