(أم يقولون) بل يقولون، يعني المشركين (افتراه) محمد [عليه السلام] من تلقاء نفسه، (بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) يعني العرب الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يأتهم نذير من قبل محمد عليه السلام. وما بعده قد سبق تفسيره إلى قوله [تعالى]:
(ما لكم من دونه من ولي) يعني الكفار، يقول: ليس لكم من دونه عذابه من ولي، أي: قريب يمنعكم فيرد عذابه عنكم (و لا شفيع) يشفع لكم (أفلا تتذكرون) فتؤمنون.
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون (5) ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم (6) الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين (7) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين (8) ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (9) قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) في معنى الآية قولان:
أحدهما: يقضي القضاء من السماء فينزله مع الملائكة إلى الأرض (ثم يعرج) الملك (إليه في يوم) من أيام الدنيا، فيكون الملك قد قطع في يوم واحد من أيام الدنيا في نزوله وصعوده مسافة ألف سنة من مسيرة الآدمي.
والثاني: يدبر أمر الدنيا مدة أيام الدنيا، فينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض " ثم يعرج إليه " أي: يعود إليه الأمر والتدبير حين ينقطع أمر الأمراء وأحكام الحكام وينفرد الله تعالى بالأمر (في يوم كان مقداره ألف سنة) وذلك في يوم القيامة، لأن كل يوم من أيام الآخرة كألف سنة..
و قال مجاهد: يقضي أمر ألف سنة في يوم واحد، ثم يلقيه إلى الملائكة فإذا مضت قضى لألف سنة آخري، ثم كذلك أبدا. و للمفسرين في المراد بالأمر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الوحي: قاله السدي.
والثاني: القضاء، قاله مقاتل.
والثالث: أمر الدنيا.