تعالى رسوله بالتقوى، وهو سيد المتقين؟! فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن المراد بذلك استدامة ما هو عليه.
والثاني: الإكثار مما هو فيه.
والثالث: أنه خطاب ووجه به، والمراد أمته.
قال المفسرون: وأراد بالكافرين في هذه الآية: أبا سفيان، وعكرمة، وأبا الأعور، وبالمنافقين: عبد الله بن أبي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطعمة بن أبيرق. وما بعد هذا قد سبق بيانه إلى قوله تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وفي سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن المنافقين كانوا يقولون: لمحمد قلبان، قلب معنا، وقلب مع أصحابه، فأكذبهم الله تعالى، ونزلت هذه الآية، قاله ابن عباس و والثاني: أنها نزلت في جميل بن معمر الفهري - كذا نسبه جماعة من المفسرين. وقال الفراء: جميل بن أسد، ويكنى: أبا معمر. وقال مقاتل: أبو معمر بن أنس الفهري - وكان لبيبا حافظا لما سمع، فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان في جوفه، وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فلما كان يوم بدر وهزم المشركون ومنهم يومئذ جميل بن معمر، تلقاه أبو سفيان وهو معلق إحدى نعليه بيده، والأخرى في رجله، فقال له: ما حال الناس؟ قال: انهزموا، قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ قال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده، وهذا قول جماعة من المفسرين. وقد قال الزهري في هذا قولا عجيبا، قال: بلغنا أن ذلك في زيد بن حارثة ضرب له مثل يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك. قال الأخفش: " من " زائدة في قوله [تعالى]: " من قلبين ".
قال الزجاج: أكذب الله عز وجل هذا الرجل الذي قال: لي قلبان، ثم قرر بهذا الكلام ما يقوله المشركون وغيرهم مما لا حقيقة له، فقال: (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) فأعلم الله تعالى أن الزوجة لا تكون أما، وكانت الجاهلية تطلق بهذا الكلام: وهو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي، وكذلك قوله تعالى: (و ما جعل أدعياءكم أبناءكم) أي: ما جعل من تدعونه ابنا - وليس بولد في الحقيقة - ابنا (ذلكم قولكم بأفواهكم) أي: نسب من لا