يكونا فاعلين بالطباع ولا بالاختيار لخير ولا شر ولا نفع ولا ضر فهو أن الدلالة قد قامت على أن الفاعل لا يكون إلا حيا قادرا مختارا وأن هذه الصفات مستحقة لمعان توجد بالموصوف وسندل على ذلك فيما بعد إن شاء الله.
وقد اتفقنا على استحالة قبول الأعراض للأعراض فبطل أن تكون فاعلة ولو جاز وقوع بعض الأفعال من الأعراض ومن الموات وبفعل الطباع لجاز وقوع القصد والاختيار والعلم والنظر ونساجة الديباج بالتصاوير ودقائق المحكمات من الأعراض والموات وبفعل الطباع فإن مروا على ذلك تركوا قولهم وإن أبوه لم يجدوا من ذلك فضلا.
ويقال لأهل التثنية لم زعمتم بأن العالم بأسره من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلام فإن قالوا لأننا وجدنا جميع الأجسام لا تنفك من أن تكون من ذوات الظل أو ليست من ذوات الظل كالنار والنور النيرين وغير ذلك من الأجسام التي لا ظل لها وما كان من هذا القبيل فهو من أشخاص النور وما كان من الأول فهو من أشخاص الظلام ووجدناها أيضا لا تخلو أن تكون ستارة مناعة من إدراك ما وراءها كالحديد والصخر والحيطان الغلاظ المانعة من إدراك المرئيات والمسموعات أو ليست كذلك نحو الهواء والماء الصافي والقوارير وكل ما يصف ما وراءه ولا يمنع من إدراك ما وراءه من المرئيات والمسموعات وما كان كذلك فهو من أشخاص النور والضرب الأول من أشخاص الظلام.
ولأننا أيضا وجدناه لا ينفك من شخصين إما خفيف صاف شأنه الارتفاع والتصاعد واللحوق بعالمه والشوق إلى معدنه وموضع مركزه أو ثقيل مظلم شأنه الهبوط والانحدار وخرق الخفيف والاعتماد على ما تحته كالحديد والصخر والأرض وغير ذلك من الأجسام الثقيلة المعتمدة على ما تحتها