عرفه المنافقين نشدتك بالله هل أنا منهم فقال لا ولا أخبر بعدك أحدا وقد علم أن عمر لم يشك في إيمانه وأنه ليس بمنافق وأنه لو كان منافقا لكان يعلم ذلك من نفسه فلا معنى لاستعلامه حال نفسه من حذيفة وإنما قال ذلك امتحانا ليعلم صدقه من كذبه وهذا أيضا ليس ببعيد في التأويل.
فإن قالوا كيف يكون أبو بكر مستحقا لهذا الأمر وعمر يقول قولا ظاهرا على المنبر ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها وأمر بقتل من عاد إلى مثلها بقوله في هذا الخبر فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه قيل لهم ما شككنا في شيء فإنا لا نشك وإياكم في أن عمر لم يكن مجنونا ولا مخلطا وهذا الكلام إن حمل على ما قلتم صار في حكم الجنون من قائله لأن عمر كان يحتج على الناس في إثبات إمامته والدعاء إلى طاعته والانقياد له في الإمامة بعقد أبي بكر له الأمر وعهده إليه فيه وإذا كانت بيعة أبي بكر باطلة يجب قتل صاحبها ومن عاد إلى مثلها وجب أن يكون عهده إلى عمر باطلا كعهد أبي بكر وموجبا لقتل عمر وقتل من نظر في أمور المسلمين بعدهم من إمام فكان يجب أن تقول له الصحابة فأنت أيضا ممن يجب قتلك ولا يجب العمل على عهدك في الشورى. وإنما قال هذا الكلام لما عهد إليهم في الشورى على المنبر وكان يجب أن يقال له أيضا قد قلت فيمن هذا وصفه وددت أن أكون شعره في صدره وما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه