من قريش ما بقي منهم اثنان) وقوله للعباس حيث وصى بالأنصار في الخطبة المشهورة وكانت آخر خطبة خطبها لما قال للرسول صلى الله عليه وسلم (توصي لقريش) فقال له (إنما أوصى قريشا بالناس وبهذا الأمر وإنما الناس تبع لقريش فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم في نظائر هذه الأخبار أو الألفاظ التي قد استفاضت وتواترت واتفقت على المعنى وإن اختلفت ألفاظها.
ويدل على ذلك وعلى صحة هذه الأخبار أيضا احتجاج أبي بكر وعمر على الأنصار في السقيفة بها وما روي عن العباس من ذكره لها والأمر باعتماد عليها وما كان من إذعان الأنصار ورجوعهم لموجبها عند سماعها وإدكارهم بها والاستشهاد عليهم بها ولولا علمهم بصحتها لم يلبثوا أن يقدحوا فيها ويتعاطوا ردها ولا كانت قريش بأسرها بالتي تقر كذبا يدعى عليها ولها لأن العادة جارية فيما لم يثبت من الأخبار أن يقع الخلاف فيه والقدح عند التنازع والحجاج لا سيما إذا احتج به في مثل هذا الأمر العظيم الجسيم مع إشهار السيوف واختلاط القول ومحاولة الإمرة والميل إلى الرياسة والعادة أصل في الأخبار فصح بذلك ثبوت هذا الأمر.
ويدل على ما قلناه إطباق الأمة في الصدر الأول من المهاجرين والأنصار بعد الاختلاف الذي شجر بينهم على أن الإمامة لا تصح إلا في قريش وقول سعد بن أبي عبادة لأبي بكر وعمر عند الاحتجاج بهذه الأخبار وادكاره بها: