لهم: ما أنكرتم على اعتلالكم من استحالة وجود إنسان لا من نطفة وطائر لا من بيضة وبيضة لا من طائر وفاعل فعل الأجسام؟ لأن ذلك أجمع مما لم يوجد ويعقل في الشاهد وهذا لحوق بأهل الدهر.
ويقال لهم: فأحيلوا حيا عالما قادرا لنفسه لأنكم لم تجدوا ذلك في الشاهد.
ثم يقال لهم: فما أنكرتم على اعتلالكم ألا يصح كون صانع العالم جل ذكره عالما؟ لأن العالم في الشاهد والمعقول وكل منا أثبتناه عالما في شاهدنا لا يكون إلا جسما محدثا متحيزا حاملا للأعراض مؤتلفا متغايرا ومتبعضا ومضطرا ومستدلا ولا بد أن يكون ذا قلب ورطوبة وأن لا يكون الله سبحانه شيئا موجودا لأن الشيء المعقول لا يخرج عن أن يكون جسما أو جوهرا أو عرضا فإن مروا على ذلك تجاهلوا وتركوا التوحيد وإن أبوه تركوا تعلقهم بمجرد الشاهد والوجود فإن قالوا ليس علة كون العالم عالما ما وصفتم ولا حده ولا معنى كونه عالما أنه جسم أو ذو قلب أو مستدل أو مضطر قيل لهم وكذلك فليس علة كون العلم علما ما وصفتم ولا حده ولا معنى كونه علما أنه محدث عرض غير العالم وحال فيه واستحالة تعلقه بمعلومين وأنه ضرورة أو استدلال لأنه قد يشركه في جميع هذه الأوصاف ما ليس بعلم لأن الحركة لا تتعلق بمعلومين وتقع اضطرارا أو اكتسابا وهي عرض محدث غير العالم وليست من العلم بسبيل فحاز لذلك إثبات علم على خلاف صفة ما ذكرتم كما جاز ذلك في الشيء والعالم.