ثم يقال لهم: فإن كنتم على الشاهد تعتمدون وعليه تعولون فأوجبوا إذا كان الباري سبحانه عالما أن يكون ذا علم وهذا أوجب لأنه غير منتقض من أحد طرفيه لأن كل عالم منا فهو ذو علم وكل ذي علم فهو عالم وليس كل محدث عرضا غير العالم وحالا في قلب ومما يستحيل تعلقه بمعلومين على وجه التفصيل فهو علم فإن جاز إثبات عالم ليس بذي علم وإن كان ذلك خلاف المعقول جاز أيضا إثبات علم ليس بعرض محدث حال غير العالم وإن كان ذلك خلاف المعروف في الشاهد والوجود. وإن هم قالوا هذه الأوصاف هي شروط في كون العلم علما وليست بعلة لكونه علما ولا حدا له.
قيل لهم: لم قلتم ذلك؟ فلا يجدون إلى تصحيح ذلك سبيلا إلا بأنهم لم يجدوا علما ينفك من ذلك فيقال لهم فما أنكرتم أيضا أن يكون جميع ما عارضناكم به في العالم من شروط كونه عالما وإن لم يكن من حده ولا معنى وصفه أنه عالم ولا من علة كونه عالما بدلالة أنا لم نجد ولم نعقل بيننا إلا كذلك وإن قالوا فمن أين نعلم أن الصفة شرط في استحقاق صفة أخرى؟ وهل طريق هذا إلا أنا لم نجد أحد الوصفين مستحقا إلا مع وجود