إلها لما فعله دون غيره وهذا يوجب أن يكون الإله أكثر من اثنين وثلاثة على ما تذهب إليه النصارى وذلك خروج عن قول الأمة وكل أمة أيضا وعلى أن ذلك لو كان كذلك لجاز أن تتمانع هذه الأبعاض ويريد بعضها تحريك الجسم في حال ما يريد الآخر تسكينه فكانت لا تخلو عند الخلاف والتمانع من أن يتم مرادها أو لا يتم بأسره أو يتم بعضه دون بعض وذلك يوجب إلحاق العجز بسائر الأبعاض أو بعضها والحكم لها بسائر الحدث على ما بيناه في الدلالة على إثبات الواحد وليس يجوز أن يكون صانع العالم محدثا ولا شيء منه فوجب استحالة كونه مؤلفا.
فإن قالوا: فكذلك فجوزوا تمانع أجزاء الإنسان إذا قدر وأراد وتصرف كل شيء منها بقدرة وإرادة غير إرادة صاحبه قيل له: لا يجب ذلك ولا يجوز أيضا تمانع الحيين المحدثين المتصرفين بإرادتين وإن كانا متباينين لقيام الدليل على أنه لا يجوز أن يكون محل فعل المحدثين واحدا واستحالة تعدي فعل كل واحد منهما لمحل قدرته والتمانع بالفعلين لا يصح حتى يكون محلهما واحدا فلم يجب ما سألتم عنه.
فإن قالوا: ولم أنكرتم أن يكون الباري سبحانه جسما لا كالأجسام كما أنه عندكم شيء لا كالأشياء؟ قيل له: لأن قولنا شيء لم يبن لجنس دون جنس ولا لإفادة التأليف فجاز وجود شيء ليس بجنس من أجناس