والحفظ والفطنة والدراية شيئا أكثر من العلم وإجازة وصفه وتسميته بأنه نور وأنه ماكر ومستهزىء وساخر من جهة السمع وإن كان العقل يمنع من معاني هذه الأسماء فيه فدل ذلك على أن المراعي في تسميته ما ورد به الشرع والإذن دون غيره وفي الجملة فإن الكلام إنما هو في المعنى دون الاسم فلا طائل في التعلل والتعلق بالكلام في الأسماء.
فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون جسما على معنى أنه قائم بنفسه أو بمعنى أنه شيء أو بمعنى أنه حامل للصفات أو بمعنى أنه غير محتاج في الوجود إلى شيء يقوم به؟ قيل له: لا ننكر أن يكون الباري سبحانه حاصلا على جميع هذه الأحكام والأوصاف وإنما ننكر تسميتكم لمن حصلت له بأنه جسم وإن لم يكن مؤلفا فهذا عندنا خطأ في التسمية دون المعنى لأن معنى الجسم أنه المؤلف على ما بيناه ومعنى الشيء أنه الثابت الموجود وقد يكون جسما إذا كان مؤلفا ويكون جوهرا إذا كان جزءا منفردا ويكون عرضا إذا كان مما يقوم بالجوهر ومعنى القائم بنفسه هو أنه غير محتاج في الوجود إلى شيء يوجد به ومعنى ذلك أنه مما يصح له الوجود وإن لم يفعل صانعه شيئا غيره إذا كان محدثا ويصح وجوده وإن لم يوجد قائم بنفسه سواه إذا كان قديما وليس هذا من معنى قولنا جسم ومؤلف بسبيل فبطل ما قلتم.