ذلك جهل الحق فيما نقلوه قيل لهم مثل ذلك في العلم بصحة كثير من أعلام النبي صلى الله عليه وسلم وأنها معلومة بمثل هذا الاستدلال وأنهم إنما جهلوا لتركهم النظر فيما يدل على صحته.
فإن قالوا: إنما وجب صحة نقل أعلام موسى والانقياد له لإطباق أهل الأديان المختلفة عليه كاليهود والنصارى والمسلمين وهذه العلة مفقودة من خبركم قيل لهم: لم وجب ذلك دون أن يجب بطلانه وتكذيبه لاجتماع أهل الأديان المختلفة على تكذيبه ورده كالبراهمة والمجوس والفلاسفة وضروب الدهرية؟ فإن كان إطباق المختلفين في دياناتهم على تكذيب المخبر لا يدل على كذبه فما أنكرتم أن يكون إطباق المختلفين في دياناتهم على تصديق المخبرين لا يدل على صدقهم؟.
ثم يقال لهم: فما أنكرتم من وجوب ثبوت خبر المسلمين وصدقهم لإطباقهم وإطباق العيسوية منكم على تصديقهم وهم أهل دينين مختلفين وملتين متباينتين؟ فإن قالوا: العيوسية إنما أخذوا نقل أعلام محمد صلى الله عليه وسلم عنكم وأنتم في الأصل فرقة واحدة قيل لهم: وكذلك المسلمون والنصارى إنما أخذوا نقل أعلام موسى عليه السلام عن أسلافكم وعنكم وأنتم في الأصل فرقة واحدة فلا تجب الحجة بنقلكم ثم يقال لهم: فيجب على موضوع اعتلالكم تصحيح آيات المسيح عليه السلام لإطباقنا والنصارى والعيسوية على صحتها فإن أجابوا إلى ذلك تركوا دينهم وإن أبوه تركوا اعتلالهم.