عن قوله: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه قال:
مصدقا لهذه الكتب وأمينا عليها. وسئل عنها عكرمة وأنا أسمع، فقال: مؤتمنا عليه.
وقال آخرون: معنى المهيمن المصدق. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
ومهيمنا عليه قال: مصدقا عليه. كل شئ أنزله الله من توراة أو إنجيل أو زبور فالقرآن مصدق على ذلك، وكل شئ ذكر الله في القرآن فهو مصدق عليها وعلى ما حدث عنها أنه حق.
وقال آخرون: عنى بقوله: مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه نبي الله (ص). ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ومهيمنا عليه محمد (ص)، مؤتمن على القرآن.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ومهيمنا عليه قال: محمد (ص)، مؤتمن على القرآن.
فتأويل الكلام على ما تأوله مجاهد: وأنزلنا الكتاب مصدقا الكتب قبله إليك، مهيمنا عليه. فيكون قوله مصدقا حالا من الكتاب وبعضا منه، ويكون التصديق من صفة الكتاب، والمهيمن حالا من الكاف التي في إليك، وهي كناية عن ذكر اسم النبي (ص)، والهاء في قوله: عليه عائدة على الكتاب. وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأ، وذلك أن المهيمن عطف على المصدق، فلا يكون إلا من صفة ما كان المصدق صفة له، ولو كان معنى الكلام ما روي عن مجاهد لقيل: وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه لأنه متقدم من صفة الكاف التي في إليك، وليس بعدها شئ يكون مهيمنا عليه عطفا عليه، وإنما عطف به على المصدق، لأنه من صفة الكتاب الذي من صفته المصدق.
فإن ظن ظان أن المصدق على قول مجاهد وتأويله هذا من صفة الكاف التي في إليك، فإن قوله: لما بين يديه من الكتاب يبطل أن يكون تأويل ذلك كذلك، وأن يكون المصدق من صفة الكاف التي في إليك، لان الهاء في قوله: بين يديه كناية اسم غير المخاطب، وهو النبي (ص) في قوله إليك، ولو كان المصدق من صفة الكاف لكان