فقال: أتمتع منك أيضا بكذا وكذا، فازداد قبل أن يستبرئ رحمها، ثم تنقضي المدة، وهو قوله: * (فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) *.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهم على استمتاعكم بهن من مقام وفراق. ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * والتراضي أن يوفيها صداقها، ثم يخيرها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا جناح عليكم فيما وضعت عنكم نساؤكم من صدقاتهن من بعد الفريضة. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * قال: إن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ولا حرج عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من عد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن من حط ما وجب لهن عليكم، أو إبراء أو تأخير ووضع. وذلك نظير قوله جل ثناؤه: * (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) *. فأما الذي قاله السدي فقول لا معنى له فساد القول بإحلال جماع امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين.
وأما قوله: * (إن الله كان عليما حكيما) * فإنه يعني: إن الله كان ذا علم بما يصلحكم أيها الناس في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه بما يدبر لكم ولهم من التدبير، وفيما يأمركم وينهاكم، لا يدخل حكمته خلل ولا زلل. القول في تأويل قوله تعالى: