بالقسط من الناس) * قال: كان ناس من بني إسرائيل ممن لم يقرأ الكتاب كان الوحي يأتي إليهم، فيذكرون قومهم فيقتلون على ذلك، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس.
حدثني أبو عبيد الرصافي محمد بن جعفر، قال: ثنا ابن حميد، قال: ثنا أبو الحسن مولى بني أسد، عن مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: رجل قتل نبيا، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف. ثم قرأ رسول الله (ص): الذين يقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس إلى أن انتهى إلى: * (وما لهم من ناصرين) *. ثم قال رسول الله (ص): يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم، وهم الذين ذكر الله عز وجل.
فتأويل الآية إذا: إن الذين يكفرون بآيات الله، ويقتلون النبيين بغير حق، ويقتلون آمريهم بالعدل في أمر الله ونهيه، الذين ينهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب معاصيه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (فبشرهم بعذاب أليم) * فأخبرهم يا محمد، وأعلمهم أن لهم عند الله عذابا مؤلما لهم، وهو الموجع.
وأما قوله: * (أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) * فإنه يعني بقوله:
* (أولئك) * الذين يكفرون بآيات الله. ومعنى ذلك: أن الذين ذكرناهم، هم الذين حبطت أعمالهم، يعني بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة. فأما قوله: * (في الدنيا) * فلم ينالوا بها محمدة ولا ثناء من الناس، لأنهم كانوا على ضلال وباطل، ولم يرفع الله لهم بها ذكرا، بل لعنهم وهتك أستارهم، وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم على ألسن أنبيائه ورسله في كتبه التي أنزلها عليهم، فأبقى لهم ما بقيت الدنيا مذمة، فذلك حبوطها في الدنيا. وأما