منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهن) وكان الموصي لا شك إنما يوصي في حياته بما يؤمر بإنفاذه بعد وفاته، وكان محالا أن يوصي بعد وفاته، كان تعالى ذكره إنما جعل لامرأة الميت سكنى الحول بعد وفاته، علما (1) بأنه حق لها وجب في ماله بغير وصية منه لها، إذ كان الميت مستحيلا أن يكون منه وصية بعد وفاته.
ولو كان معنى الكلام على ما تأوله من قال: فليوص وصية، لكان التنزيل: والذين يحضرهم الوفاة ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم، كما قال: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خير الوصية) (2).
وبعد، فلو كان ذلك واجبا لهن بوصية من أزواجهن المتوفين، لم يكن ذلك حقا لهن إذا لم يوص أزواجهم لهن قبل وفاتهن، ولكان لورثتهم إخراجهن قبل الحول، وقد قال الله تعالى ذكره: (غير اخراج). ولكن الامر في ذلك بخلاف ما ظنه في تأويله قارئه: (وصية لأزواجهم) بمعنى: أن الله تعالى كان أمر أزواجهن بالوصية لهن، وإنما تأويل ذلك:
(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) كتب الله لأزواجهم عليكم وصية منه لهن أيها المؤمنون أن لا تخرجوهن من منازل أزواجهن حولا، كما قال تعالى ذكره في سورة النساء:
(غير مضار وصية من الله) (3) ثم ترك ذكر " كتب الله " اكتفاء بدلالة الكلام عليه، ورفعت " الوصية بالمعنى الذي قلنا قبل.
فإن قال قائل: فهل يجوز نصب الوصية... (4) لهن وصية؟ قيل: لا، لان ذلك إنما كان يكون جائزا لو تقدم الوصية من الكلام ما يصلح أن تكون الوصية خارجة منه، فإما ولم يتقدمه ما يحسن أن تكون منصوبة بخروجها منه، فغير جائز نصبها بذلك المعنى.
ذكر بعض من قال: إن سكنى حول كامل كان حقا لأزواج المتوفين بعد موتهم على ما قلنا، أوصى بذلك أزواجهن لهن أو لم يوصوا لهن به، وأن ذلك نسخ بما ذكرنا من الأربعة الأشهر والعشر والميراث:
4341 - حدثني المثني، قال: ثنا الحجاج بن منهال: قال: ثن همام بن يحيى، قال: سألت قتادة عن قوله: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا