منها، فهلك من بقي في القرية وسلم الآخرون، فلم يمت منهم كبير، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا: أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا بقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم! فوقع في قابل فهربوا، وهم بضعة وثلاثون ألفا، حتى نزلوا ذلك المكان، وهو واد أفيح (1)، فنادهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه: أن موتوا! فماتوا، حتى إذا هلكوا وبليت أجسادكم، مر بهم نبي يقال له حزقيل، فلما رآهم وقف عليهم، فجعل يتفكر فيهم، ويلوي شدقيه وأصابعه، فأوحى الله إليه:
يا حزقيل، أتريد أن أريك فيهم كيف أحييهم؟ - قال: وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم - فقال: نعم. فقيل له: ناد فنادى: يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي!
فجعلت تطير العظام بعضها إلى بعض حتى كانت أجسادا من عظام. ثم أوحى الله إليه أن ناد (2) يا أيتها العظام، إن الله يأمرك أن تكتسي لحما! فاكتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها وهي عليها. ثم قيل له: ناد! فنادي يا أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي، فقاموا.
4367 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، فزعم منصور بن المعتمر، عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا: سبحانك ربنا وبحمدك، لا إله إلا أنت!
فرجعوا إلى قومهم أحياء، يعرفون أنهم كانوا موتى، سحنة (3) الموت على وجوههم، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا دسما مثل الكفن (4) حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم.
4368 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبد الرحمن بن عوسجة، عن عطاء الخراساني: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف) قال:
كانوا ثلاثة آلاف أو أكثر.
4369 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: كانوا أربعين ألفا أو ثمانية آلاف (5) حظر عليهم حظائر (6)، وقد