امكثي مكانك حتى يبلغ الكتاب أجله " (1).
وأما قوله: (متاعا) فإن معناه: جعل ذلك لهن متاعا، أي الوصية التي كتبها الله لهن، وإنما نصب " المتاع "، لان في قوله: (وصية لأزواجهم) معنى متعهن الله، فقيل متاعا مصدرا من معناه، لا من لفظه.
وقوله: (غير اخراج) فإن معناه أن الله تعالى ذكره جعل ما جعل لهن من الوصية متاعا منه لهن إلى الحول لا إخراجا من مسكن زوجها، يعني لا اخراج فيه منه حتى ينقضى الحول، فنصب " غير " على النعت للمتاع كقول القائل: هذا قيام غير قعود، بمعنى: هذا قيام لا قعود معه، أو لا قعود فيه.
وقد زعم بعضهم أنه منصوب بمعنى: لا تخرجوهن أخراجا. وذلك خطأ من القول، لان ذلك إذا نصب على هذا التأويل كان صبه من كلام آخر غير الأول، وإنما هو منصوب بما نصب المتاع على النعت له.
القول في تأويل قوله تعالى: (فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم).
يعني تعالى ذكره بذلك: أن المتاع جعله الله لهن إلى الحول في مال أزواجهن بعد وفاتهم وفي مساكنهم ونهى ورثته عن إخراجهن، إنما هو لهن ما أقمن في مساكن أزواجهن، وأن حقوقهن من ذلك تبطل بخروجهن إن خرجن من منازل أزواجهن قبل الحول من قبل أنفسهن بغير اخراج من ورثة الميت. ثم أخبر تعالى ذكره أنه لا حرج على أولياء الميت في خروجهن وتركهن الحداد على أزواجهن، لان المقام حولا في بيوت أزواجهن والحداد عليه تمام حول كامل لم يكن فرضا عليهن، وإنما كان ذلك إباحة من الله تعالى ذكره لهن إن أقمن تمام الحول محدات، فأما إن خرجن فلا جناح على أولياء الميت ولا عليهن فيما فعلن في أنفسهن من معروف، وذلك ترك الحداد. يقول: فلا حرج عليكم في التزين إن تزين وتطيبن وتزوجن، لان ذلك لهن. وإنما قلنا: لا حرج عليهن في خروجهن، وإن كان إنما قال تعالى ذكره: (فلا جناح عليكم) لان ذلك لو كان عليهن فيه جناح، لكان على أولياء الرجل فيه جناح بتركهم إياهن، والخروج مع قدرتهم على منعهن