التوراة والإنجيل. وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاص من الناس، فإنها معني بها كل كاتم علما فرض الله تعالى بيانه للناس. وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله (ص) أنه قال:
من سئل عن علم يعلمه فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار.
وكان أبو هريرة يقول ما:
1969 - حدثنا به نصر بن علي الجهضمي، قال: ثنا حاتم بن وردان، قال: ثنا أيوب السختياني، عن أبي هرير، قال: لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم. وتلا: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون.
1970 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبو زرعة وعبد الله بن راشد عن يونس قال: قال ابن شهاب، قال ابن المسيب، قال أبو هريرة: لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئا: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات إلى آخر الآية. والآية الأخرى: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس إلى آخر الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون.
يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك يلعنهم الله هؤلاء الذين يكتمون ما أنزله الله من أمر محمد (ص) وصفته وأمر دينه أنه الحق من بعدما بينه الله لهم في كتبهم، يلعنهم بكتمانهم ذلك وتركهم تبيينه للناس. واللعنة الفعلة، من لعنه الله بمعنى: أقصاه وأبعده وأسحقه.
وأصل اللعن: الطرد، كما قال الشماخ بن ضرار، وذكر ماء ورد عليه:
ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين