به أن معناه: من معالم الله التي جعلها علما لعباده يعبدونه عندهما بالطواف بينهما ويذكرونه عليهما وعندهما بما هو له أهل من الذكر، فمن حج البيت أو اعتمر فلا يتخوفن الطواف بهما، من أجل ما كان أهل الجاهلية يطوفون بهما، من أجل الصنمين اللذين كانا عليهما، فإن أهل الشرك كانوا يطوفون بهما كفرا، وأنتم تطوفون بهما إيمانا وتصديقا لرسولي وطاعة لأمري، فلا جناح عليكم في الطواف بهما. والجناح: الاثم. كما:
1936 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
فلا جناح عليه أن يطوف بهما يقول: ليس عليه إثم ولكن له أجر.
وبمثل الذي قلنا في ذلك تظاهرت الرواية عن السلف من الصحابة والتابعين. ذكر الاخبار التي رويت بذلك:
1937 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا داود، عن الشعبي: أن وثنا كان في الجاهلية على الصفا يسمى إسافا، ووثنا على المروة يسمى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوثنين فلما جاء الاسلام وكسرت الأوثان، قال المسلمون: إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين، وليس الطواف بهما من الشعائر. قال: فأنزل الله: إنهما من الشعائر فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما.
1938 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عامر، قال: كان صنم بالصفا يدعى إسافا، ووثن بالمروة يدعى نائلة. ثم ذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب، وزاد فيه، قال: فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه، وأنث المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مؤنثا.
1939 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، وذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب، عن يزيد، وزاد فيه، قال: فجعله الله تطوع خير.
1940 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، قال أخبرني عاصم الأحول، قال: قلت لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون الطواف بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية؟ فقال: نعم كنا نكره الطواف بينهما لأنهما من شعائر الجاهلية حتى نزلت هذه الآية:
إن الصفا والمروة من شعائر الله.