عليه، فيكون نظير قول الله تعالى ذكره: قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك بمعنى ما منعك أن تسجد، وكما قال الشاعر:
ما كان يرضى رسول الله فعلهما * والطيبان أبو بكر ولا عمر ولو كان رسم المصحف كذلك لم يكن فيه لمحتج حجة مع احتمال الكلام ما وصفنا لما بينا أن ذلك مما علم رسول الله (ص) أمته في مناسكهم على ما ذكرنا، ولدلالة القياس على صحته، فكيف وهو خلاف رسوم مصاحف المسلمين، ومما لو قرأه اليوم قارئ كان مستحقا العقوبة لزيادته في كتاب الله عز وجل ما ليس منه؟
القول في تأويل قوله تعالى: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم.
اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: ومن تطوع خيرا على لفظ المضي بالتاء وفتح العين. وقرأته عامة قراء الكوفيين: ومن يطوع خيرا بالياء وجزم العين وتشديد الطاء، بمعنى: ومن يتطوع. وذكر أنها في قراءة عبد الله: ومن يتطوع. فقرأ ذلك قراء أهل الكوفة على ما وصفنا اعتبارا بالذي ذكرنا من قراءة عبد الله سوى عاصم فإنه وافق المدنيين، فشددوا الطاء طلبا لادغام التاء في الطاء. وكلتا القراءتين معروفة صحيحة متفق معنياهما غير مختلفين، لان الماضي من الفعل مع حروف الجزاء بمعنى المستقبل، فبأي القراءتين قرأ ذلك قارئ فمصيب.
ومعنى ذلك: ومن تطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته الواجبة عليه، فإن الله شاكر له على تطوعه له بما تطوع به من ذلك ابتغاء وجهه فمجازيه به، عليم بما قصد وأراد بتطوعه بما تطوع به.
وإنما قلنا إن الصواب في معنى قوله: فمن تطوع خيرا هو ما وصفنا دون قول من زعم أنه معني به: فمن تطوع بالسعي والطواف بين الصفا والمروة لان الساعي بينهما لا يكون متطوعا بالسعي بينهما إلا في حج تطوع أو عمرة تطوع لما وصفنا قبل وإذ كان ذلك كذلك كان معلوما أنه إنما عنى بالتطوع بذلك التطوع بما يعمل ذلك فيه من حج أو عمرة.
وأما الذين زعموا أن الطواف بهما تطوع لا واجب، فإن الصواب أن يكون تأويل ذلك على قولهم: فمن تطوع بالطواف بهما فإن الله شاكر لان للحاج والمعتمر على قولهم