وقال آخرون: بل السبب الذي من أجله نهين عن كتمان ذلك، هو أن الرجل كان إذا أراد طلاق امرأته سألها هل بها حمل لكيلا يطلقها، وهي حامل منه للضرر الذي يلحقه وولده في فراقها إن فارقها، فأمرن بالصدق في ذلك ونهين عن الكذب. ذكر من قال ذلك:
3752 - حدثني موسى، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن فالرجل يريد أن يطلق امرأته فيسألها: هل بك حمل؟ فتكتمه إرادة أن تفارقه، فيطلقها وقد كتمته حتى تضع. وإذا علم بذلك فإنها ترد إليه عقوبة لما كتمته، وزوجها أحق برجعتها صاغرة.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: الذي نهيت المرأة المطلقة عن كتمانه زوجها المطلقها تطليقة أو تطليقتين مما خلق الله في رحمها الحيض والحبل لأنه لا خلاف بين الجميع أن العدة تنقضي بوضع الولد الذي خلق الله في رحمها كما تنقضي بالدم إذا رأته بعد الطهر الثالث في قول من قال: القرء: الطهر، وفي قول من قال: هو الحيض إذا انقطع من الحيضة الثالثة فتطهرت بالاغتسال. فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره إنما حرم عليهن كتمان المطلق الذي وصفنا أمره ما يكون بكتمانهن إياه بطول حقه الذي جعله الله له بعد الطلاق عليهن إلى انقضاء عددهن، وكان ذلك الحق يبطل بوضعهن ما في بطونهن إن كن حوامل، وبانقضاء الأقراء الثلاثة إن كن غير حوامل، علم أنهن منهيات عن كتمان أزواجهن المطلقين من كل واحد منهما أعني من الحيض والحبل مثل الذي هن منهيات عنه من الآخر، وأن لا معنى لخصوص من خص بأن المراد بالآية من ذلك أحدهما دون الآخر، إذ كان جميع مما خلق الله في أرحامهن، وأن في كل واحدة منهما من معنى بطول حق الزوج بانتهائه إلى غاية مثل ما في الآخر. ويسأل من خص ذلك فجعله لاحد المعنيين دون الآخر عن البرهان على صحة دعواه من أصل أو حجة يجب التسليم لها، ثم يعكس عليه القول في ذلك، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
وأما الذي قاله السدي من أنه معني به نهي النساء كتمان أزواجهن الحبل عند إرادتهم طلاقهن، فقول لما يدل عليه ظاهر التنزيل مخالف، وذلك أن الله تعالى ذكره قال:
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن بمعنى: ولا يحل أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من الثلاثة القروء إن كن