مورثة مالا وفي الذكر رفعة * لما ضاع فيها من قروء نسائكا فجعل القرء: وقت الطهر. ولما وصفنا من معنى القرء أشكل تأويل قول الله:
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء على أهل التأويل، فرأى بعضهم أن الذي أمرت به المرأة المطلقة ذات الأقراء من الأقراء أقراء الحيض، وذلك وقت مجيئه لعادته التي تجئ فيه، فأوجب عليها تربص ثلاث حيض بنفسها عن خطبة الأزواج. ورأى آخرون أن الذي أمرت به من ذلك إنما هو أقراء الطهر، وذلك وقت مجيئه لعادته التي تجئ فيه، فأوجب عليها تربص ثلاث أطهار. فإذ كان معنى القرء ما وصفنا لما بينا، وكان الله تعالى ذكره قد أمر المريد بطلاق امرأته أن لا يطلقها إلا طاهرا غير مجامعة، وحرم عليه طلاقها حائضا، كان اللازم للمطلقة المدخول بها إذا كانت ذات أقراء تربص أوقات محدودة المبلغ بنفسها عقيب طلاق زوجها إياها أن تنظر إلى ثلاثة قروء بين طهري كل قرء منهن قرء، هو خلاف ما احتسبته لنفسها قروءا تتربصهن. فإذا انقضين، فقد حلت للأزواج، وانقضت عدتها وذلك أنها إذا فعلت ذلك، فقد دخلت في عداد من تربص من المطلقات بنفسها ثلاثة قروء بين طهري كل قرء منهن قرء له مخالف، وإذا فعلت ذلك كانت مؤدية ما ألزمها ربها تعالى ذكره بظاهر تنزيله. فقد تبين إذا إذ كان الامر على ما وصفنا أن القرء الثالث من أقرائها على ما بينا الطهر الثالث، وأن بانقضائه ومجئ قرء الحيض الذي يتلوه انقضاء عدتها.
فإن ظن ذو غباوة إذ كنا قد نسمي وقت مجئ الطهر قرءا، ووقت مجئ الحيض قرءا أنه يلزمنا أن نجعل عدة المرأة منقضية بانقضاء الطهر الثاني، إذ كان الطهر الذي طلقها فيه، والحيضة التي بعده، والطهر الذي يتلوها أقراء كلها فقد ظن جهلا، وذلك أن الحكم عندنا في كل ما أنزله الله في كتابه على ما احتمله ظاهر التنزيل ما لم يبين الله تعالى ذكره لعباده، أن مراده منه الخصوص، إما بتنزيل في كتابه، أو على لسان رسول الله (ص).
فإذا خص منه البعض، كان الذي خص من ذلك غير داخل في الجملة التي أوجب الحكم بها، وكان سائرها على عمومها، كما قد بينا في كتابنا: كتاب لطيف القول من البيان عن أصول الاحكام وغيره من كتبنا.
فالأقراء التي هي أقراء الحيض بين طهري أقراء الطهر غير محتسبة من أقراء المتربصة